ما ذنب العندليب؟

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأحد 26 مايو 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

لكلِ داءٍ دواءٌ يستطبُ بهِ...إلا «الأفورة» أعيت من يداويها.

 

تبحث الجماعة عن إنجاز تتشبث به، تغنى له، تجمع حوله أنصارها والمتعاطفين معها والمؤلفة قلوبهم. ذهبت سكرة الانتصار فى الانتخابات ووصول الرئيس المنتخب للسلطة، وبقيت فكرة الإنجاز، وتحقيق الوعود، وتنفيذ السياسات التى تستقيم مع ما كان من خطاب معارض للجماعة. لكن كل ذلك يسقط شيئا فشيئا، يغيب الإنجاز ويتعزز، تتبخر الوعود وتُنسى أو تُنكر، ينفضح الخطاب المعارض قبل الثورة بأنه كان محض مزايدات على نظام قائم، وعندما جاءت السلطة لم يجد المعارضون السابقون إلا ذات أدوات وسياسات وانحيازات ومشروعات النظام السابق.

 

لكن إذا لم يكن هناك إنجاز يستحق أن نغنى له ونغنى على الشعب به فلنخترع هذا الانجاز. معجزة القمح أحبطها المختصون، والفلاحون كذلك، حتى أولئك الذين خطب الرئيس مرسى من داخل حقولهم، نفوا كل كلمة قالها، وحكوا عن تمثيلية عيد الحصاد التى انتجتها ذات الآلة التى كانت تنتج مسلسلات النظام السابق. ربما حدث تقدم فى محصول القمح. لكن الأفورة الإخوانية تحدثت عن اكتفاء ذاتى ومعجزة ونسبت الأداء التقليدى غير المنظم لجهد وزير وسياسات، لكن أغنية القمح فى جميع الأحوال فشلت، لأن فاتورة الاستيراد كما هى لم تنقص مليما، وربما زادت بزيادة سعر الصرف.

 

مرسى إذن لابد أن يكون بطل حرب وسلام، هذا هو الانجاز الجديد الذى تحاول الجماعة أن تُشعلق أعضاءها فيه، قناة مصر 25 المملوكة للجماعة تذيع طوال أمس الأول، كليبا للرئيس وهو يصافح الجنود العائدين من الاختطاف مصحوبا بصوت عبد الحليم يغنى: «عاش اللى قال للرجال عدوا القنال». ربما تعتقد أن المسألة مجرد «أفورة» من مخرج فى القناة، جعلته يساوى بأغنية حليم بين قائد دفع قواته لعبور القناة وتخطى الحواجز المائية والخطوط الحصينة لمواجهة عدو شرس، والاشتباك معه فى معركة من أهم معارك التاريخ لاستعادة أرض محتلة، وقائد طلب من جنوده الانتقال الى سيناء دون أى صعوبات أو مواجهات لاستعادة 7 جنود مختطفين، فعادوا دون قتال أو تفاوض حسبما تعلن الرئاسة.

 

 لكن المسألة ليست مصادفة ولا تصرفا فرديا، هذا سعى مؤسسى للتشبث بإنجاز، فإذا كان القائم على قناة مصر 25 حاول أن يقدم محمد مرسى باعتباره بطل حرب وسلام، لأنه استعاد 7 جنود مختطفين لا نعرف كيف استعادهم، وساوى بينه وبين الراحل الشهيد محمد أنور السادات الذى قاد الجيش المصرى لإلحاق أول هزيمة حقيقية بإسرائيل واستعادة الأرض بعد معارك وبطولات حقيقية ومجيدة وشهداء وتضحيات، فإن الدكتور عبد الرحمن البر الموصوف بمفتى الجماعة وعضو مكتب الإرشاد، قال إن تحرير الجنود السبعة هو بداية الطريق لتحرير القدس.

 

الشيخ البر كان قد رأس مؤتمرا فى أسيوط عنوانه «حررنا جنودنا وسنحرر أقصانا»، ووعد بأن القدس ستتحرر على يد محمد مرسى الذى وصفه بمحمد الثالث.

 

هكذا تبنى الجماعة على عودة الجنود المختطفين لبناء إنجاز كبير وكأنه يساوى إنجاز حرب أكتوبر، والانطلاق منه لدغدغة مشاعر أنصارهم بحلم القدس، لكن إذا كان أنصارهم يصدقون كل هذه الأفورة ولا يتدبرون فيها.. فما ذنب عبد الحليم حافظ حتى تأخونوه.. ما ذنب العندليب؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved