هل نحتاج أطباءً جددًا؟!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 26 مايو 2020 - 10:25 م
بتوقيت القاهرة
تشخيص الواقع جيدا سيمكنّنا من حل الأزمات التى تتكرر كثيرا فى المنظومة الطبية، والأهم تمنع كل المتربصين والإرهابيين من الصيد فى الماء العكر والوقيعة بين الحكومة والأطباء.
بدءًا من اليوم سأحاول جاهدا تسليط الضوء على ما يحدث داخل هذه المنظومة، فى محاولة لإيجاد حلول وأرضية مشتركة، بين الحكومة والأطباء، تمنع محاولات البعض النفخ فى المشكلة.
السؤال الأول: هل مصر تحتاج لزيادة عدد الأطباء العاملين، أم أن العدد زيادة عن حاجة المجتمع، أم أن هناك خللا فى توزيعهم، أم يتهربون من العمل فى المستشفيات الحكومية؟!.
طبقًا لدراسات وتقديرات مختلفة فإن عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة، مستثنى منهم الأطباء على المعاش والمتوفون، يصل إلى ٢١٢٫٨٥٣ ألف طبيب حتى نهاية عام ٢٠١٨. وبهذا العدد فهناك ٢١٫٣ طبيب لكل عشرة آلاف مواطن، وهو ما يقترب من المعدلات العالمية، أى ٢٣ طبيبا لكل عشرة آلاف مواطن.
للوهلة الأولى هذا كلام طيب، ومن يقرأه سيتساءل: إذًا ما هى المشكلة إذا كان عدد الأطباء كافيا، ومتوافقا مع المعدلات العالمية؟!.
المشكلة أن عدد الأطباء البشريين، أى العاملين فى مستشفيات وزارة الصحة، وجميع الهيئات التابعة لها، وفى المستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة، والتابعة لجامعة الأزهر، حوالى ٨٢ ألف طبيب من الـ٢١٢٫٨ ألف طبيب، أى ٣٨٪ فقط من القوة الأساسية للأطباء فى مصر، طبقا لدراسة أجراها المكتب الفنى لوزارة الصحة بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات، والمجلس الأعلى للمستشفيات الحكومية، ونُشرت فى مايو من العام الماضى. وطبقا لهذا الكلام فإن المعدل الحقيقى فى مصر هو طبيب لكل ١١٦٢، و٨٫٦ طبيب لكل عشرة آلاف مواطن، بدلا من ٢٣ طبيبا لكل عشرة آلاف، كما هو المعدل عالميا.
وبهذا المعنى فإن ٦٢٪ من الأطباء البشريين إما أنهم يعملون خارج مصر، أو استقالوا من العمل الحكومى، أو حصلوا على إجازة من دون راتب.
طبقا للبيانات فإن عدد كليات الطب فى مصر هو ٣٠ كلية، منها ٢٠ حكومية و٦ كليات تابعة لجامعة الأزهر وثلاث كليات تابعة للجامعات الخاصة، إضافة إلى كلية الطب التابعة للقوات المسلحة، وهذه الكليات الـ٣٠ تنتشر فى ١٨ محافظة مصرية. تستحوذ القاهرة على ٥ كليات والجيزة أربع وأسيوط ثلاث ودمياط كليتين، وكلية واحدة فى كل من السويس وبورسعيد وأسوان والمنوفية سوهاج وقنا وكفر الشيخ وبنى سويف والشرقية والغربية والفيوم والدقهلية والإسكندرية.
البيانات تقول أيضا إن عدد الوحدات ذات الأسرّة، التى تتبع القطاع الحكومى الصحى، يبلغ ٦٧٦ بإجمالى ٩٦١١١ سريرا بجانب ٤٣٨١ وحدة رعاية أولية بالريف و٣٦٣ مركز صحة أسرة فى المناطق الحضرية.
وطبقا لنفس البيانات فإن هناك عجزا مضاعفا فى عدد الأطباء عن المعدلات العالمية فى ٢٥ محافظة، والأقرب لهذه المعدلات هى محافظتا جنوب سيناء والقاهرة، فى حين أن محافظات مثل كفر الشيخ وأسيوط وبورسعيد فإن النسبة تتراوح بين ٢٥ ــ ٥٠٪ من المعدلات العالمية، أما الأقل من ٢٥٪ فهى الوادى الجديد وبنى سويف وقنا والفيوم، وتقل معدلات العجز بشدة فى المحافظات النائية أثناء فترات تكليف الأطباء، بسبب الحوافز المادية والعلمية.
الدراسات المختلفة توصى بدراسة وافية لسوق العمل، للأطباء البشريين وتقديم البيانات التى تساعد على رسم الخطط والسياسات المستقبلية للتعليم الطبى، بما يتفق مع الحاجة الفعلية لسوق العمل، ومن ثم طرح الحلول اللازمة، بما يتيح تحقيق احتياج مصر من الأطباء البشريين دون زيادة وعجز.
عدد ما تقوم كليات الطب بتخريجهم سنويا حوالى عشرة آلاف طبيب، والحل المبدئى هو زيادة عدد المقبولين حتى يزيد عدد الخريجين ليصل إلى ١٢ ألف خريج، شرط ألا يتعارض ذلك مع المستوى الجيد من التعليم والتدريب والتأهيل.
هناك إجماع حتى قبل ظهور مشكلة أطباء التكليف الحاليين على ضرورة وجود خطة قومية لاسترجاع الأطباء للعمل بالقطاع الحكومى، ورفع مستوى التدريب للأطباء، وتأمين بيئة العمل المناسبة، ورفع المستوى المادى والاجتماعى لهم، بحيث يتم إعادة الستين ألف طبيب، للقطاع الحكومى أو الجزء الأكبر منهم.
قبل شهور قال رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى إن الحكومة تعمل على توافر الأطباء فى المستشفيات الحكومية لتقديم خدمة طبية لائقة، وإن الدولة أنفقت الكثير من بناء مستشفيات جديدة، وإنها كلفت وزارة التعليم العالى بزيادة أعداد كليات الطب بداية من العام الجامعى المقبل.
السؤال: هل ما سبق هو كل الصورة الكاملة، أم أن هناك وجهات نظر أخرى؟!
نواصل لاحقا إن شاء الله.