حول مستقبل تعليم الصحافة الإخبارية
العالم يفكر
آخر تحديث:
السبت 26 يوليه 2014 - 8:43 ص
بتوقيت القاهرة
نشر معهد بروكينجز مقالا للكاتب جوناثان راوخ يتحدث عن موضوع محو الأمية الإخبارية، من خلال تعليم الطلاب مهارات التفكير النقدى الصحفى. كتب يقول إنه فى الآونة الأخيرة، لم تكن هناك أخبار جيدة حول بيزنس الأخبار. ولكن هناك فكرة جديدة مثيرة للاهتمام للتعامل مع تراجع الصحافة التقليدية: محو الأمية الإخبارية.
•••
وأشار الكاتب إلى الدراسة الجديدة التى أصدرتها مؤسسة بروكينجز، والتى قدم فيها جيمس كلورفيلد وهوارد شنايدر عرضا تفصيليا لبرنامج مبتكر أعدته جامعة ستونى بروك، يعلم الطلاب بذل المزيد من الجهد لتدقيق المعلومات التى تقدمها تقليديا الصحافة المهنية. ورأى راوخ باعتباره صحفيا محترفا بخبرة 30 عاما فى هذا المجال؛ أن محو الأمية الإخبارية فكرة ذات إمكانات للنجاح، ولكن لها أيضا حدود. ويتطلب تقديم وتدقيق المعلومات، وقتا، ومهارة، ومالا. ومع جميع عيوبها، تقوم الصحافة المؤسسية ما أسميه صحافة غرفة الأخبار بتلك المهمة بشكل جيد جدا. وتتمثل المشكلة اليوم، فى أن نموذج الاستثمار الذى كان يدعم صحافة الأخبار، بسبيله للتفكك. فضلا عن أن جانبا كبيرا من الجمهور لا يدرك الفارق، حتى من حيث المبدأ، بين ما تفعله (مثلا) صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة ديلى كوس. وكتب كلورفيلد وشنايدر إن الكبار والطلاب على حد سواء، يعتقدون « أن التقارير الإخبارية يشوبها التحيز، وأن الموضوعية الحقيقية ليست ممكنة إنسانيا». كما يرى جانب كبير من الجمهور، أن الصحافة المحترفة نوع آخر من أنواع الاحتيال النفعى.
لكنها فى رأى الكاتب ليست كذلك. حيث إن القلب النابض، الذى يميز الصحافة المهنية، عن المدونات، والمواقع المجمعة، ووسائل الإعلام الاجتماعية، هو غرفة الأخبار؛ ليس بمعنى الحيز المادى، ولكن المؤسسة. وتخدم غرف الأخبار أربع وظائف مهمة: فهى، أولا، تنظم جمع المعلومات المنهجى وعمل الخبراء، واستمرار التغطية الإخبارية. وثانيا، توفر الرقابة المهنية المنهجية، والتحقق مما ينشر. وثالثا، تعلم المهارات اللازمة لأداء العمل الصحفى بكفاءة، وتنقل القيم والثقافة والمهنة للأجيال القادمة. ورابعا: لديها عناوين ثابتة وهويات مؤسسية، بحيث يمكن مساءلتها. إذا كانت صحافة المواطن والإنترنت قادرة على خدمة أى من هذه الوظائف الأربع، لكان من شأنها القيام بذلك الآن. لكنها، للأسف، لا تستطيع.
•••
وأضاف الكاتب أنه إذا تراجعت قدرة المهنيين على تدقيق المعلومات، وربما أمكن للمستهلكين القيام بذلك بأنفسهم. فقد يضطرون إلى ذلك، لعدم وجود من يقوم به غيرهم. وتتمثل فكرة محو الأمية الإخبارية فى تزويد شباب الكليات أو حتى المدارس الثانوية، بأكبر قدر من المهارات التى تستخدم ليصبحوا من المهنيين. وكتب كلورفيلد وشنايدر»يجب أن يكتسب كل طالب فى أمريكا مهارات التفكير النقدى صحفي». وقد تم تدريس الآلاف من الطلاب محو الأمية الإخبارية، ويورد كلورفيلد وشنايدر بعض التقييمات الواعدة، وإن كانت مؤقتة. ومن النتائج المثيرة للاهتمام، أن تعلم ما يفعله الصحفيون فعلا (أو ما ينبغى أن يفعلوه) يزيد من تقدير الطلاب لمهنة الصحافة ويغير طريقتهم فى جمع ومعالجة المعلومات:
وبعد الانتهاء من البرنامج الدراسى، يكون طلاب محو الأمية الإخبارية قد اطلعوا بشكل روتينى على المزيد من الأخبار من الكثير من المصادر، وصاروا يولون مواكبة الأخبار أهمية عالية، وشاركوا فى الانتخابات بأعداد كبيرة، واستطاعوا تحليل بعض الموضوعات الإخبارية المصورة على نحو أكثر فعالية، وكانوا أكثر انتباها «لوظيفة الرقابة « المنوطة بالصحافة، وامتلكوا رؤية أكثر دقة، بصفة عامة، لوسائل الإعلام. وعلى سبيل المثال، فى بداية الفصل الدراسى، شعر 13 فى المائة فقط من الأشخاص الذين يشاركون فى الدورة، أن وسائل الإعلام تتعامل بإنصاف مع كلا الجانبين من القصة إلى حد ما؛ وبنهاية الفصل الدراسى قفز العدد إلى 52 فى المئة.
•••
وخلص الكاتب إلى أنه فى جميع الأحوال، يعتبر تعليم الشباب كيفية تقييم مصادر المعلومات، والتفكير النقدى، والتحقق قبل إعادة النشر، أمرا منطقيا من مختلف الجوانب.
وأكد على أن وقف اختفاء غرف الأخبار المهنية والصحفيين بمعدل ينذر بالخطر، هو ما لا يستطيع محو الأمية الصحفية تحقيقه، وبطبيعة الحال، لا يدعى القيام به. ولم يجد أحد سبيلا للقيام بذلك. والحقيقة المحزنة أن الهواية المستنيرة، سواء من جانب المستهلكين أو المنتجين، ليست بديلا عن المهنية المخلصة. ويعتبر هذا تحذيرا أكثر منه انتقادا، ولكن يجدر أخذه فى الاعتبار عندما تقرأ عن برنامج ستونى بروك المثير للإعجاب.
فإذا كنت تهتم بالمواطنة المستنيرة، فإن إنقاذ غرفة الأخبار له الأولوية الأولى، بفارق كبير عن كل ما يأتى فى المرتبة الثانية.