مسألة عضلات
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 26 أغسطس 2016 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
كثيرا ما يأنس الإنسان فى أقوال العامة لحكمة لا تقل صدقا عن حقائق يؤسس لها العلم وتدعمها التجربة. درجنا على قول إن العقل السليم فى الجسم السليم، واعترفنا دائما بأن العضلات مرادف للقوة وإن كانت غاشمة، وأن العقل فى النهاية هو الفائز ولو باستخدام الحيلة فى مواجهة العضلات. تتابعت تلك الأفكار فى ذهنى حينما قادتنى قدماى إلى إحدى صالات الرياضة أو ما يطلق عليه حاليا «الجيم» فى حى إمبابة الذى يعد شعبيا فى ظل تقسيمات مجتمعنا الآن. ذهبت أبحث عن عناصر الصورة الحقيقية لما عليه شبابنا الآن بعيدا عن إطار الرياضات الأكثر شعبية مثل كرة القدم وغيرها والتى تمارس فى الأندية الرياضية، دفعنى إلى ذلك دعوة كريمة من معهد التغذية للمشاركة فى التحضير لإعداد مذكرة عن المكملات الغذائية التى يلجأ إليها الرياضيون بغرض بناء أجسامهم بالصورة التى تضمن لهم ما يبحثون عنه من طاقة.
ذهبت وبرأسى تلك الصورة الزاهية التى رأيتها من قبل فى مونتريال حيث عملت لفترة من الزمن لتلك المراكز التى تتيح لأى إنسان تحقيق الرغبة فى تغيير نمط حياته بإضافة عنصر الحركة والرياضة الذى يؤكد العلم الآن فى جميع المجالات الصحية على ضرورته للصحة النفسية والجسدية معا. كانت الصورة برأسى لكنى بالطبع لم أتوقع أن التطابق بينها وما عليه الصورة المصرية وارد لكنى ومع ذلك الإحساس الواقعى كنت بعيدة تماما عن الحقيقة الماثلة أمامى.
رغم أن المكان يقع فى الدور الأرضى من منزل ذى ستة طوابق وعلى مساحة معقولة إلا أنه بدا خانقا مزدحما كحلبة مصارعة كل من فيها مشترك فى الصراع. الأصوات عالية لا ندرك أيها للتوجيه وأيها للتحفيز والتشجيع. الكل فى ملابس وإن كانت رياضية إلا أنها لا تشير إلى نوعية الرياضة التى يمارسها مرتدوها حتى عامل البوفيه الذى يتنقل بين المتدربين ممسكا صينية المشروبات بيد والأخرى يقلب بها السكر فى الشاى والقهوة صائحا معلنا عن وجوده بقوة كان ملتزما بالهيئة الرياضية فى الملبس.
حينما قصدت حجرة الإدارة هالنى ما رأيت. مخزن لعبوات متعددة الأشكال والأحجام تعلن عن تركيزات من ما يطلق عليه أغذية الطاقة تحت مسميات براقة مختلفة بينما مدير المكان مشغول بتفريغ إحدى تلك العبوات البلاستيكية الضخمة فى أكياس ورقية صغيرة من الواضح أنه يعدها للبيع.
حينما رفع رأسه ليتفحص تلك السيدة التى هى فى عمرى وهيئتى تأكد لى أن مهمتى انتهت قبل أن تبدأ وأنه على أن ادرك موقعى من الإعراب وأن انسحب فى هدوء قبل أن ينهزم العقل فى معركة تتسيدها العضلات.
لم يتحقق أملى فى الحصول على أى معلومات عن إدارة المكان والهدف من نشاطاته أو عن إذا ما كان يتبع هيئة أو مؤسسة ما أو أن له أدنى علاقة بوزارة الشباب والرياضة. هل هناك خطط علمية للتدريب أو أن هناك من أهل العلم والخبرة مسئولا عن وضع تذكرة طبية رياضية للمتدربين كل وفقا لإمكاناته واحتياجاته والغرض من تدريبه؟ أفقت من شرودى على لكزة على كتفى مؤلمة فانتبهت لاواجه طفلا لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره محاولا لفت انتباهى إلى عضلات ذراعيه المنتفخة والتى لن تخفى اكتمال الصورة بساقين هزيلتين مقوستين تنوء بحملها، انصرفت بسرعة مدركة أننى قد قصدت المكان الخطأ رغم صحة العنوان.
صالات «الجيم» وتجارة المكملات الغذائية أحد الموضوعات بالغة الأهمية التى يجب دراستها بوعى ودراية هو بلا شك مسئولية وزير الشباب والرياضة الذى سالت دموعه أكثر من مرة فى أوليمبياد ريو من التأثر. رغم أن جهد من عادوا بالميداليات البرونزية كان جهدا شخصيا خالصا لم تضعه صالات «الجيم» ولا جهود وزارة الشباب.