الاحتباس الحراري.. هل سيدمر العالم؟
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 26 أغسطس 2021 - 8:50 م
بتوقيت القاهرة
أصدرت الأمم المتحدة فى مطلع هذا الشهر تقريرًا فريدًا بشأن ظاهرة الاحتباس الحرارى، ذكرت فيه أن دور الإنسان فى تلك الظاهرة واضح وبين، وعدد التقرير المخاطر الكبيرة التى تنطوى على هذه الظاهرة.
وقال التقرير الذى أعده خبراء المناخ فى الأمم المتحدة: «إن مسئولية البشرية عن ظاهرة الاحتباس الحرارى «لا لبس فيها»، فنشاطات الإنسان تسببت فى ارتفاع درجة حرارة الكون 1.1 درجة تقريبا منذ القرن التاسع عشر».
وذكرت فاليرى ماسون ديلموت الرئيسة المشاركة لمجموعة الخبراء التى أعدت التقرير: «من الواضح منذ عقود أن نظام مناخ الأرض يتغير ودور التأثير البشرى فى النظام المناخى لا جدال فيه».
الأهم والأبرز فى التقرير أنه توقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية فى العام 2030، وذلك مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية التى بدأت بالقرن 18، أى قبل عشر سنوات من التوقع السابق بالوصول إلى تلك الحرارة عام 2040. مشيرًا إلى أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب ستستمر فى الارتفاع حتى إذا نجحت جهود الحد من الانبعاث الحرارى عامة والكربونى خاصة.
وارتباطًا بهذا المشهد رصد التقرير أحد أبرز مظاهر الاحتباس الحرارى، وهو ذوبان الجليد فى المحيطين المتجمدين القطبيين الشمالى والجنوبى، ما أدى وسيؤدى لارتفاع منسوب مياه البحار فى السنوات المقبلة، وهو الأمر المقدر بـ100 سم وفق التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وذلك بحلول عام 2100. وما يزيد الطين بلّة، ما ورد من تحذير من قبل علماء البيئة، من تراجع قدرة الغابات والتربة والمحيطات على امتصاص ثانى أكسيد الكربون المنبعث من النشاطات البشرية نتيجة الانبعاثات، وهو أمر يهدد الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى.
وعلى مدى العقود الستة الماضية، نجحت مصارف الكربون الطبيعية الممثلة فى التربة والنباتات لقيامها بعملية البناء الضوئى والمحيطات والبحار العميقة، فى التخلص من 56% من ثانى أكسيد الكربون المنبعث من النشاطات البشرية من الغلاف الجوى، ما يحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى. لكن تلك المصارف لها حدود فى التخلص من تلك السموم.
من هنا يأتى الإفراط فى معدلات النشاط البشرى الاصطناعى، الناجم بالأساس عن استخدام الوقود الإحفورى وأغلبه بسبب كثرة استخدام الفحم والبترول والغاز كواحد من أهم أسباب الاحتباس الحرارى على الإطلاق. وقد أدى كل ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة الجو، وزيادة الجفاف فى المناطق الجافة أصلا. وكذلك ظهور الفيضانات فى المناطق التى لم تعتد أن تظهر فيها الفيضانات.
وخلال العام الحالى والأعوام القليلة الماضية، تلمس الإنسان عديد المظاهر الدالة على كل ذلك، إذ ارتفعت حرارة الكوكب، وطلعت الأنباء علينا لتشير إلى وفاة المئات فى أوروبا والولايات المتحدة بسبب موجات الحر الشديد، والتى تخطت هذا العام الـ 40 درجة مئوية فى ظاهرة لم تعرفها تلك البلدان التى عرف عنها مناخها بالاعتدال صيفًا والبارد شتاء، ما ظهر جليا فى اليونان وإسبانيا وهولندا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا. وكذلك كثرة الفيضانات والسيول والعواصف وتسببها فى خسائر كبيرة، إضافة إلى حرق الغابات على النحو الذى جرى هذا الشهر فى عشرات البلدان على رأسها تركيا واليونان والمجر والبرتغال وصربيا وسويسرا والجزائر وفرنسا.
ولعل الجديد فى الأمر هذا العام، أن التغيرات المناخية فى السابق كانت تؤثر على البلدان النامية أكثر من البلدان الأكثر رغدًا فى العيش، لكون الأولى لا يتحمل اقتصادها أية هزات بسبب الظروف الطبيعية، ناهيك عن الظروف غير الطبيعية كالحروب التى تئن منها، لكن هذا العام ظهر أن بلدانا كثيرة غنية باتت متعبة من تحمل أعباء التغيرات المناخية لزيادة وطأتها.
وعامة، تعد الصين أولى دول العالم المسببة للانبعاث الحرارى، بسبب كثرة استخدامها للفحم. فانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى عام 2019، تجاوزت فيها كل الدول المتقدمة والصناعية، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى ودول منظمة التعاون الأقتصادى والتنمية، فهى تساهم بنسبة 27% من انبعاثات مكافئ ثانى أكسيد الكربون. جدير بالذكر أن تلك النسبة تعادل فى الولايات المتحدة 11% وفى الهند وهى ثالث دولة ملوثة للكون 6.6%. وعلى الرغم من أن متوسط الفرد الصينى من الانبعاثات بلغ 11.1 طن عام 2019، وإن هذا النصيب للمواطن الأمريكى يبلغ 17.6 طن، إلا أن ذلك يرجع إلى زيادة عدد السكان بالصين لنحو أربعة أضعاف مقارنة بالولايات المتحدة. وعلى أية حال، فقد صدر عن الصين أكثر من التزام بتخفيض الانبعاثات الكربونية، لكن كل الخبراء يؤكدون أن تلك الالتزامات منها ومن غيرها من الدول، لو صدق من يصدرها، ورغم أهميتها، لن تسعف العالم من تداعيات المشكلة.