أهمية التفكير النقدي في الشأن العام وفي التعليم
سامح مرقص
آخر تحديث:
السبت 26 أغسطس 2023 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
أثار مقال أستاذنا الكبير الدكتور محمد رءوف حامد بجريدة الشروق فى 15 أغسطس 2023 «التفكير العلمى فى الشأن العام.. لماذا؟» حماسى لكتابة مقال عن «التفكير النقدى»، وهو من ركائز التفكير العلمى ولكن للأسف لا يحظى باهتمام كاف بين الأشخاص المهتمين بالثقافة والتعليم، رغم أنه أسلوب هام فى اكتساب المعرفة ويجب نشر قواعده فى التعليم المدرسى لإنتاج أجيال متمرنة على التفكير النقدى فى اكتساب المعلومات واتخاذ القرارات، بدلا من التعليم التقليدى الذى يعتمد فقط على النقل والحفظ دون أى محاولة للبحث عن جذور المعلومات والتأكد من صحتها، وللأسف لجنة التعليم فى الحوار الوطنى، أصدرت حديثا 17 توصية لم تشمل أهمية تدريس التفكير النقدى الذى يشجع الطالب والطالبة على استخدام العقل بأسلوب منظم لفهم ما يتلقيانه وهذا هو الطريق لإنتاج المواطنة والمواطن النابهين القادرين على الالتزام بالموضوعية، وأيضا توفير قيادات فى جميع مرافق الدولة تمارس التفكير النقدى فى صياغة سياسة المؤسسات واستراتيجيتها، فالمستقبل الآن ينتمى إلى المجتمعات التى تنظم نفسها حسب هذا النهج من قبل الجميع.
يتطلب ممارسة التفكير النقدى حرية الفكر، والموضوعية، والالتزام بالمسئولية الفكرية، واستخدام كيف ولماذا فى تحليل وفهم كل الأمور. والتفكير النقدى لا يعنى النقد ولكن يعنى استخدام العقل فى تحديد صحة أى رأى، وتحديد أسباب الموافقة أو الرفض، والبحث عن احتمال وجود تفسير آخر، مع الابتعاد عن التفكير العاطفى، وممارسة السخرية، والعناد أو اختيار موقف فكرى فقط لأنه أكثر تقبلا من الآخرين، وهناك عواتق تمنع التفكير النقدى مثل التفكير فى أى مشكلة من منطق نقيضين فقط أبيض أو أسود، والاعتقاد بوجود حل واحد فقط، والتمسك بالرأى ورفض الآراء الأخرى، والتفكير القبلى الذى يعنى الاتفاق الأوتوماتيكى مع فكر الجماعة وعدم القدرة على التفكير الحر، وإبداء رأى سريع مبنى فقط على الاعتقاد الدينى أو قيم عائلية أو قبلية.
تشمل قواعد التفكير النقدى؛ الفهم والتحليل والتقييم والاستدلال والشرح والموضوعية. والفهم؛ يعنى تفهم الموضوع ووصفه بدون تحيزات، والتفرقة بين الفكرة الأساسية والأفكار الفرعية مع محاولة ترتيب جميع الأفكار المطروحة بأسلوب منظم.
التحليل؛ هو تحديد الفكرة الأساسية فى الموضوع وعلاقتها بالأفكار الأخرى المطروحة، وأسباب تأييد الفكرة الأساسية مع طرح أى اعتبارات لم تثر.
الاستدلال؛ هو دراسة الموضوع لتحديد العناصر المهمة، واستنتاج ما قد يحدث من احتمالات.
التقييم؛ هو التأكد من صحة المعلومات، والبحث عن تفاسير أخرى لاكتشاف أى تعارض، ومدى قوة الأدلة فى دعم الاستنتاج المطروح.
الشرح؛ يتطلب تفسير النتائج بأسلوب مقنع وسلس مع شرح كاف للأسلوب الذى استخدم للحصول على هذه النتائج وتوضيح المراجع التى استخدمت.
الموضوعية؛ هى التأكد من عدم وجود أى تحيز أو تدخل لأفكار شخصية، والالتزام بالمصداقية والقدرة على التغيير عند اكتشاف أن هناك معلومات جديدة أو تم إهمال معلومات مهمة.
وبلا شك تدريس التفكير النقدى فى التعليم هو أمر ضرورى فى النظم التعليمية الحديثة التى تهدف إلى بناء شخص ذات عادات عقلية تعتمد على قواعد التفكير النقدى وهذا سيؤدى إلى إنتاج المواطنة والمواطن النابهين الملتزمين بالصدق فى البحث عن الحقيقة، والقادرين على طرح الأسئلة بوضوح، وتنظيم المواضيع المعقدة، والمثابرة فى الحصول على المعلومات، والدقة فى التحليل، وتقييم الادعاءات.
أخيرا، التفكير النقدى هو قوة محررة فى التعليم، وأساس المجتمعات العقلانية الديمقراطية الناجحة، وتعليم التفكير النقدى ينتج عنه مواطنات ومواطنون نابهون، وفضوليون، ومنفتحون، وصادقون، وملتزمون بالحصافة فى إصدار الأحكام.