فروق حضارية تحتاج لترميم

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 26 سبتمبر 2024 - 6:55 م بتوقيت القاهرة


ما يحدث فى عالم اليوم من تطور تكنولوجى وتقنى تخريبى أصبح يُذهب العقول، وينذر بزوال البشرية على يد مجموعة من الحمقى. قبل عدة سنوات أبدعت عديد الدول فى استخدام طائرات الدرون التى ألغت تقريبا التضحية بالطيارين والطائرات العملاقة فى الميدان، ناهيك عن الأقمار الاصطناعية مرتفعة الثمن. تكنولوجيا التحكم عن بُعد تطورت بشكل مذهل، وأصبحت أداة للقتل والتنصت يتحكم فيها عبر مجموعة أزرار من أرض الخصم. أجهزة المراقبة والتقنيات العالية فى التفخيخ والتفجير عن بُعد وتعطيل الأجهزة الحساسة هى الأخرى صارت واحدة من أبرز وأهم الأمور بدلاً من التضحية بالجند والخوض فى معارك مكلفة على الأرض. قبل ذلك كله بعدة سنوات، كان اعتماد العرب على الغرب فى استيراد المقاتلات المتطورة، لكن الغرب أدرك الغرض المحتمل لاستخدام تلك الطائرات لو وقعت فى أيدٍ «غير أمينة» فمنع الغرب من خلال تكنولوجيا محددة أن تتواجد تلك المقاتلات فى منطقة عمليات لا تتواءم مع سياسة المصدر.
من كل ما سبق كانت هناك شواهد معينة ناتجة عن كل ذلك، ففى لحظة واحدة وبعد تخطيط استمر لفترة من الوقت قام العدو الصهيونى بتفجير أجهزة الاتصالات فى لبنان من مراكز التحكم فى تل أبيب، وهى الأجهزة التى حسبها حزب الله فى وقت من الأوقات بديلاً عن تتبع الهواتف المحمولة. قبلها قام باغتيال إسماعيل هنية، وقادة من حزب الله بالدرون. بين هذا وذاك نجد ما فعله منذ أيام الملياردير الأمريكى أيلون ماسك الذى أوقف بزر واحد سيارة سبق أن أهداها إلى حاكم الشيشان، فجعلها كقطعة الخردة.
كل ما سبق يجعل المرء يجزم أنه لا مناص من مجاراة ذلك التطور، وإلا سيصبح العرب أضحوكة العالم، وستتحقق دون شك معتقدات اليهود الدخيلة على التوراة، التى جاءت على يد نفر من أحبارهم القدماء بسبى العرب ومعاملتهم كالحيوانات، اعتقادًا بسمو الجنس اليهودى، الهادف إلى تهويد المنطقة العربية بأسرها.
حالة الغفلة التى يعيش فيها العرب سواء بالأنمالية أو واليأس بسبب التفوق المذهل للغير أو الاستسلام ببقاء وديمومة الدعم الأمريكى للكيان الصهيونى، ومن ثم الركض للتطبيع معه باعتبار ذلك ملاذًا ومنجى من الهلاك، هو عين الخنوع والجثو والإذلال والهلاك أمام الجبروت.
بالطبع لا أحد يدعو هنا للوقوف أمام المارد أو القطار السريع، لكن لا يمكن أن يكون معنى ذلك هو الرضاء بأوضاع وفروق حضارية نجمت عن قدوم مستعمر من شتات الغرب، للتجمع فى تلك البقعة الغنية بالثروات والحضارات السامية.
التصنيع والابتكار هو السبيل للنهوض من أى أقدار حسبها المستعمر الصهيونى والذارع الغربية له فى المنطقة حتمية، هى الملاذ للخروج من شرنقة التبعية.
واحد من أبرز الأمور التى يجب الاهتمام بها فى الوقت الراهن هو اللعب على التناقضات الدولية لنقل تجارب التطور مع تكيفها كى تتماشى مع البيئة الداخلية، النموذج الصينى على سبيل المثال فى التطور، وبعض التجارب الروسية، وتجارب البلدان الأخرى التى صارت اليوم على أعتاب العالم المتقدم كجنوب إفريقيا والبرازيل وغيرهم وغيرهم، كلها أمور قابلة للمحاكاة فى التنمية والتغلب على مشكلات زيادة السكان والتصنيع وندرة الموارد.
التعليم والبحث العلمى والتكنولوجى هو أيضا واحد من أهم الأمور التى يجب أن تكون داعمة للابتكار والرقى أمام الغزو الحضارى الطاغى من الغرب، فبدلا من أن يتعقب من يقوم بتطوير القدرات التكنولوجية عبر الدرون بدعوى دعم الإرهاب، نقوم برعاية وتشجيع هؤلاء بغرض التطوير خدمة للأمن القومى. تقليل وتجسير الفجوة الحضارية أمر مهم ولا غنى عنه، لا يجب أن نقف مكتوفى الأيدى ننتظر تحقيق النبوءات الدينية بانتصار الحق على الباطل، العمل وليس التواكل هو الكفيل بتحقيق كل ذلك بعون الخالق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved