فى الطريق إلى الكارثة
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 26 نوفمبر 2012 - 8:10 ص
بتوقيت القاهرة
احذروا الشرارة الأولى، لأنها لو اندلعت فلن تبقى ولن تذر، ووقتها سنندم فى وقت لا يفيد الندم.
للأسف الشديد نحن جموع المصريين ننزلق بسرعة شديدة إلى منحدر يبدو بلا قرار.
لو أن المعارضين للإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى نظموا تظاهرتهم الضخمة يوم غد الثلاثاء فى ميدان التحرير، ولو أن مؤيدى الرئيس من التيار الإسلامى نظموا مظاهرتهم فى ميدان عابدين فإن فرص الصدام تبدو قائمة بقوة، لأن ما يفصل بين ميدانى التحرير وعابدين لا يزيد عن خمسمائة متر.
الحشدان فى المظاهرات العادية التى كانت تجمع أنصار الإخوان ومعارضيهم كانا يختلفان بقوة رغم أنهما خرجا من أجل هدف واحد فى المظاهرة، فما بالك لو أن المصالح اختلفت، وصار أنصار الأحزاب المدنية يهتفون بسقوط دولة الإخوان فى حين يرفع الإخوان والسلفيون شعارات تكفر خصومهم؟!.
فى الأيام الماضية رأينا صدامات متعددة بين الإخوان ومعارضيهم، رأينا حرب شوارع حقيقية خصوصا فى السويس وبورسعيد، رأينا حرقا لمقرات الجماعة فى بعض المحافظات كما حدث فى الإسكندرية.
حرق المقار أو مهاجمتها تطور خطير ينبغى علينا جميعا أن ندينه ولا نهلل له حتى لو اختلفنا مع الإخوان، لأن قبول هذا المبدأ يعنى حق الإخوان وغيرهم فى الرد بنفس الأسلوب والوسيلة.
السكوت على حرب الشوارع المندلعة منذ يوم الخميس الماضى هو بمثابة إعطاء رخصة شرعية لبروفة الحرب الأهلية التى يتم التمهيد لها الآن.
الاختلاف السياسى طبيعى فى كل المجتمعات الحرة، شرط أن يستمر سياسيا ويتم الاحتكام بشأنه إلى الآليات الديمقراطية.
هذه الآليات مثل الانتخابات هى بمثابة وسائل تنفيس أى احتقان سياسى، وتعطلها أو انسدادها يعنى تفكير بعض الأطراف التى تشعر بالظلم فى اللجوء لوسائل أخرى قد تكون غير ديمقراطية.
الذى يحدث الآن للأسف الشديد هو تشجيع على بروفة الحرب الأهلية.
والذى تسبب فى هذا الوضع المأزوم هو الإعلان الدستورى الذى أعلنه محمد مرسى وحصل بموجبه على صلاحيات شبه إلهية.
السؤال الآن كيف نخرج من هذا المأزق الصعب؟!.
كل الأطراف تتحمل مسئولية أساسية فى وقت التصعيد والعودة إلى طاولة الحوار.
القوى المدنية مطالبة طوال الوقت بعدم الانحراف إلى الصراع العنيف وإقناع جمهورها وأنصارها بالحفاظ على الاحتجاج السلمى وإقناع المتحمسين من أتباعها بأن إطلاق الحجارة والمولوتوف على قوات الشرطة سيضر قضيتهم أكثر مما يفيدها، وأن إحراق أى مقر للإخوان أو غيرهم سيدخلنا فى نفق مظلم بلا نهاية.
لكن المسئولية الكبرى للخروج من هذه المشكلة تقع على عاتق الرئيس محمد مرسى والذين زينوا له هذه الفعلة.
محمد مرسى يفترض أنه رئيس لكل المصريين.
ربما تكون هناك معلومات وتقديرات غير كاملة أو خاطئة عرضت عليه واتخذ قراراته على أساسها، وليس عيبا أن يخرج الرئيس ويتراجع عنها طالما أنه تبين له أنها خاطئة أو هى معلومات وتقديرات سليمة لكن عواقب تطبيقها ستكون فادحة.
لو أن الرئيس مرسى خرج اليوم أو غدا وأعلن تراجعه عن المواد الكارثية التى ضمنها الإعلان الدستورى فسوف يصفق له الجميع.
عليه أن يسأل نفسه سؤالا بسيطا: أيهما أفضل أن نصر على قرار خاطئ أو حتى صحيح لكنه سيؤثر بصورة كارثية على كل البلد، أم نسحبه ونتراجع عنه؟!.
لو كنت مكان القوى والأحزاب المدنية لشجعت الرئيس على إعادة النظر فى قراره ووفرت له مخرجا مشرفا للتراجع، بدلا من اللجوء إلى لعبة «المباريات الصفرية» التى يريد فيها كل طرف أن يحصل على كل شىء.
البلد فى طريقه للضياع إذا أصر مرسى على سلطاته الإلهية.