منا أمير.. ومنكم أمير
معتز بالله عبد الفتاح
آخر تحديث:
الإثنين 26 ديسمبر 2011 - 8:50 ص
بتوقيت القاهرة
ليست عندى معلومة موثقة، ولكن أستغرب كثيرا إن لم يحدث اجتماع ما بين أحد القيادات العليا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع أحد القيادات العليا فى الإخوان المسلمين. ملعب السياسة فى مصر الآن أشبه بساحة ليست فيها خطوط أو مكان للمرمى أو تحديد للحكام أو للقواعد بعد أن قامت ثورة 25 يناير بالتخلص من اللاعبين القدامى والقواعد البالية التى كانوا يديرون بها لعبة السياسة فى مصر.
الفكرة ببساطة أن المجلس الأعلى بحكم أنه يدير المرحلة الانتقالية والإخوان بحكم أنهم أصحاب الأغلبية البرلمانية لديهما الكثير مما يمكن أن يتفقا عليه ولديهما الكثير مما يمكن أن يختلفا عليه. كلاهما يريد انتقالا سلميا بلا صراعات أو مواجهات، كلاهما يريد ألا تغرق المركب لأنها مركب الجميع، كلاهما يريد أن تتوقف القوى الثورية عن ممارسة ضغطها الشديد على الساحة السياسية عبر المليونيات وغيرها، كلاهما مستعد أن يقدم تنازلات متبادلة لصالح شراكة جديدة.
ولكن لا ننسى أن بينهما الكثير مما يمكن أن يختلفا عليه. القوات المسلحة مؤسسة وطنية قطرية لا ترى لها مصلحة فى أن تستدرج أو أن تفتعل صراعات خارج حدودها لا باسم القومية العربية ولا باسم الأخوة الإسلامية، وبالتالى هى تريد أن تكون أمينة على قضايا الأمن القومى المصرى على وجه الخصوص وعلى توجهات السياسة الخارجية بصفة عامة. هناك كذلك نقطة توتر محتملة وهى المرتبطة بسرية ميزانية القوات المسلحة وعدم رقابة البرلمان عليها والتى هى قضية بالغة الحساسية عند قيادات القوات المسلحة وهى كذلك بالغة الحساسية عند الرأى العام الذى التهب عند طرح الفكرة مع وثيقة الدكتور على السلمى. وغالبا ستطلب مرة أخرى من المجلس الاستشارى. وهنا سيكون على جماعة الإخوان إما أن تتعامل بمنطق أن هذه صفقة وعليهم أن يمرروها كثمن مدفوع لضمان خرج المجلس العسكرى من بعض جوانب المعادلة السياسية، أو أن يعلنوا انحيازهم للقوى الرافضة لأى استثناءات لأى مؤسسة إلا فى حدود ما هو متعارف عليه دوليا من وحدة موازنة الدولة وشموليتها.
وهناك كذلك الجدل الذى سيثار بشأن الدستور وضمان مدنية الدولة ووجود مجلس للأمن القومى «يتحكم» وإن لم «يحكم».
وهناك نظرية «منا أمير ومنكم أمير» فتكون الأغلبية فى البرلمان للإخوان، ويكون رئيس الجمهورية القادم شخصا يرضى عنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
لا أعتقد فى أى من الطرفين نزعة للخيانة أو عدم الوطنية، وإنما كل طرف له طريقته فى النظر لما هو كائن ولما يجب أن يكون وكيف نصل إلى هناك.
أعتقد أنهما سيسعيان لتخطيط الملعب غير المخطط، وأعتقد أنهم سينجحان إن اتفقا. ولكن عندى تحذيرا: لا تخططاه وكأنكما اللاعبان الوحيدان. خططاه بما يتسع للجميع، فالحياة السياسية المصرية أوسع كثيرا من الإخوان حتى وإن كانت معهم الأغلبية، ومن المجلس العسكرى حتى وإن كان يمثل رأس المؤسسة الوطنية الأكبر التى نحترمها. ولنتذكر أن مبارك كان معه الأغلبية وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة. دامت مصر دائما بخير.