نريد اهتماما أكثر بعلوم العصر
محمد زهران
آخر تحديث:
السبت 26 ديسمبر 2020 - 7:50 م
بتوقيت القاهرة
مقال اليوم يمكن اعتباره نداء إلى كل من يهتم بشئون التعليم ومستقبل البلاد الذي يعتمد بشكل كبير على العلم والتكنولوجيا. هذا النداء موجه إلى وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والشباب والرياضة بالإضافة إلى مدرسي كل المراحل التعليمية وإلى رجال الأعمال. الرسالة القصيرة للمقال هي "نريد اهتماما أكثر بالSTEM".
كلمة "STEM" هي اختصار لأربع كلمات تعني: العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. سنحاول الإجابة على عدة أسئلة: ما علاقة هذه الكلمات ببعضها حتى توضع في كلمة واحدة؟ ماذا نعني بكلمة اهتمام؟ وماذا نستطيع أن نفعل؟
الكلمات الأربع لها ارتباط وثيق ببعضها. الاكتشافات العلمية هدفها الكشف عن أسرار الكون بجميع أجزاءه والهدف من ذلك (بخلاف الفضول الإنساني) هو تطويع الطبيعة لخدمة البشرية. إذا لن تحدث الاستفادة بدون منتج أو خدمة تساعد على رفاهية البشر. التحويل من نظرية علمية إلى التطبيق هي التكنولوجيا. إذا ما يستفيد منه الانسان بطريقة مباشرة هو التكنولوجيا. هذه التكنولوجيا تأخذ شكل منتجات أو تحتاج لأجهزة لتصنيعها وهنا يأتي دور الهندسة. هذه التخصصات الثلاثة تحتاج إلى الرياضيات فهي اللغة التي تعبر عن النظريات العلمية والتصميمات الهندسية والتكنولوجية. هذا كله يعني أننا نحتاج إلى من يعمل بهذه الأقسام الأربعة حتى نتقدم، لهذا فهي تحتاج منا جميعاً مزيداً من الاهتمام، لكن ماذا نعني بكلمة اهتمام هنا.
الفكرة الأولى التي تتبادر إلى الذهن حين نذكر كلمة اهتمام هو تطوير المناهج التعليمية المتعلقة بتلك التخصصات حتى تواكب العصر، وهذا طبعاً مطلوب وبشدة لكنه ليس الخطوة الأولى. الخطوة الأولى هي تقديم مبادئ تلك التخصصات بطريقة شيقة للنشء الصغار لجذبهم نحوها. هذا ليس بالشيء السهل ويحتاج مجهوداً ضخماً من علماء التربية والمدربين إلخ. كم من شخص يكره الرياضيات مثلاً أو يظن أنه لا يتقنها لعيب فيه لكن السبب الأساسي هو تدريسها له بطريقة خاطئة؟ كم من شخص درس تخصصات أدبية ليس لسبب إلا لأنه كره التخصصات العلمية نتيجة التدريس الخاطئ له أو لأنه لم يأخذ الفرصة ليتعرف على التخصصات العلمية بطريقة شيقة (وضع تحت كلمة شيقة عدة خطوط)؟
في أبريل من كل سنة في مانهاتن بمدينة نيويورك تغلق أغلب الشوارع لعدة أيام من أجل مهرجان العلم الذي يتبع (World Science Festival). في هذا المهرجان ستجد أكشاك كثيرة في الشوارع وكل كشك به شخص يقدم مادة علمية للصغار والكبار معاً، فتجد من يجعلك تنظر في ميكروسكوب ويشرح لك ما ترى، وهناك من يجعلك تقوم بوضع بعض المركبات الكيميائية ويشرح لك ما يحدث، أو من يجعلك تقوم بتجارب على الدوائر الكهربائية أو بعض التجارب الفيزيائية إلخ. المثير في الأمر أن من يقف في تلك الأكشاك أساتذة كبار في أكبر جامعات أمريكا بل ومنهم الحاصل على جوائز نوبل، فهل نرى ذلك عندنا؟ بالإضافة إلى ذلك فالكثير من قاعات الدراسة بالجامعات في مدينة نيويورك وبعض المسارح تستخدم في أثناء هذا المحفل العلمي الرائع لإعطاء محاضرات للعامة عن كافة الموضوعات العلمية أو لاستضافة مناظرات علمية شيقة ومفيدة وتجعلك تعود إلى بيتك وفي عقلك الكثير من الأسئلة والتي ستدفعك إلى القراءة العلمية للبحث عن إجابات لها.
إذاً أول خطوة في الاهتمام هو تشجيع العامة سواء النشء الصغار أو الكبار (الذين يربون النشء الصغار) على حب العلم بفروعه الأربعة التي نتكلم عنها في هذا المقال. تأتي بعد ذلك خطوة المناهج وطرق التدريس والتدريب إلخ.
نأتي الآن إلى النقطة الأخيرة في مقالنا: كيف نجتذب الصغار والكبار إلى التخصصات العلمية؟ رأينا فكرة المهرجان العلمي ونستطيع تنفيذه في كل محافظة. يمكن ترتيب معسكر صيفي لطلبة المدارس لدراسة بعض مبادئ العلوم بطريقة تجتذبهم للمزيد، يمكن عمل قناة متخصصة للبرامج العلمية الشيقة ... ومعين الأفكار لا ينضب.
في أثناء ذلك كله يجب أن نضع نصب أعيينا مهمة اكتشاف الموهوبين منذ السن الصغيرة وتعهدهم بالرعاية (نداء إلى رجال الأعمال) وفي نفس الوقت وضع خطة لكيفية الاستفادة منهم في مصر حتى لا ينتهي بهم الأمر بالسفر للخارج ويستمر نزيف العقول.
هي خطة طموحة لكن إذا نفذت جيداً فستؤتي أُكُلها وتساهم بقوة في تقدم البلاد... وللحديث بقية.