العوَّا ليس ظل الله

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الإثنين 27 فبراير 2012 - 8:50 ص بتوقيت القاهرة

عندما قرأت ما قاله الدكتور محمد سليم العوا فى الغربية، لم أصدق نفسى. القانونى البارز المتعمق فى شئون الشريعة الإسلامية والمرشح المحتمل للرئاسة  قال فى إشارة للانتخابات البرلمانية الأخيرة إن «75%» من المصريين قالوا «نعم لله»، هذا هو النص تحديدا الذى نشرته جريدة الشروق، أمس، والحق أقول لك إننى قلت لنفسى: «ربما فهم مراسل الشروق خطأ»، لكننى وجدت العبارة بنصها فى تغطية «بوابة الأهرام» لذات المحاضرة التى ألقاها العوا فى الغربية، إلى جانب عدد آخر من المواقع والصحف.

 

قالها العوا إذن بوضوح، فإذا كنت من الذين صوتوا للتيارات الإسلامية فقد قلت «نعم لله» أنت لم تصوت تأييداً لفهم الإخوان للإسلام، أو لرؤية السلفيين للشريعة، أو لمفهوم حزب الوسط عن الإسلام الحضارى، لكنك قلت نعم لله، والذين لم يقربوا هذه الأحزاب قالوا لله «لا».

 

بجملة واحدة وضع الدكتور العوا 25% من المصريين المعارضين لسياسات بعض الأحزاب وكأنهم فى خصومة مع «الله»، أو كأن الانتخابات كانت استفتاء على الإيمان به جل جلاله، أو كأنه ــ تعالى جل شأنه عما يصفون ــ كان مرشحا فى الانتخابات الأخيرة.

 

لن أحلل معك قول الرجل، لن أقول إنه تقريبا رمى عددا لا بأس به من المصريين  الذين اختاروا  أحزابا أخرى بـ«الكفر»،  ليس لأنهم فى حزب الشيطان ويعارضون الله، لكن لأنهم يعارضون فهم الآخرين لشرع الله، ويعتقدون ولهم الحق فى ذلك كما تكفله لهم شريعة الله أن لهم فهما مغايرا لا ينتقص من إيمانهم شىء.

 

 لن أعتبر معك ما قاله الرجل تجرؤا على الحق تبارك وتعالى، وإنزالا لجلاله من عليائه واستخدام اسمه القدوس فى توازنات ومواءمات السياسة التى يتغير ويتبدل فيها العوا كل يوم كما يغير ملابسه، لكننى فقط أذكر المرشح المحترم وأذكرك أن الداعية محمد حسين يعقوب قال عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية إن الناس قالت «نعم للدين» رغم أن الدين لم يكن إحدى المواد التى استفتت عليها الجماهير وما إلى ذلك من أحاديث حول «غزوة الصناديق» والتى قال عنها يعقوب بعد ذلك إنها كانت «هزار».

 

لكن ماذا قال العوا عن يعقوب والأرشيف حاضر كرقيب وعتيد؟ قال بالنص: «هذا كلام باطل ولا يليق ولا يصح أن يقال هذا الكلام، فالصناديق لم تكن غزوة، وليس بيننا وبين من قالوا لا للتعديلات حرب على الدين، وتبرير يعقوب لما قاله بأنه نكتة هو كلام سخيف، لأن الأمر يتعلق بالعقل والفطنة، ولا يجوز لأحد أن يدافع عن هذا الكلام، وعلى الشيخ يعقوب أن يعتذر».

 

ومثلما حكم العوا بنفسه على الشيخ يعقوب بالاعتذار، فمطلوب منه اليوم أن يعتذر، فهو ليس ظل الله فى الأرض ولا متحدثا باسمه، ولم يكن يليق بالرجل الذى أفتى  بجواز ترشح القبطى والمرأة للرئاسة، أن يقحم الله جل جلاله فى منافسة انتخابية لا خلاف فيها على توحيده والإيمان والتسليم له، لكن الخلاف على من يستخدم آيات الله اليوم لنصرة اليمين، ويستخدم ذات الآيات غدا لنصرة اليسار، ولا نعرف ماذا سيفعل غدا بذات الآيات ولنصرة من؟.. «سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved