الزمالك يزين «تورتة» الأهلى بطل الدورى بـ «رامى السهم الفرعونى»
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الجمعة 27 أبريل 2018 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
-زرع خالد جلال الحماس والإرادة فى لاعبيه.. وجعلهم يضغطون ويضيقون المساحات ويسحبون من الأهلى أهم أسلحته
- بطل الدورى عاد متأخرا.. وأخذ يهرول كى يلحق بالقطار وهو يغادر المحطة
- المباراة سيئة فنيا وعامرة بالعنف والتوتر والعصبية والفوضى.. فلماذا كانت كذلك؟
- المشكلة ليست فى الحكم.. ولكنها فى هذا المجتمع الرياضى الذى ورث على مدى سنوات ما أفقده الثقة فى التحكيم المصرى
** عند الحديث عن مباراة بين الأهلى والزمالك علينا أن نضع النقاط على الحروف، كى تصل الكلمة وحروفها شافية وواضحة.
** استحق الزمالك الفوز لأنه فاجأ الأهلى من الثانية الأولى بالضغط الجماعى والفردى، وحاصر منافسه فى أضيق المساحات وحرمه من أهم أسلحته، وهى بناء الهجمات من ملعبه حتى منطقة الجزاء المنافس مستغلا مساحات فى الملعب يتخلى عنها المنافس دون وعى، ومساحات يصنعها لاعبو الأهلى بالتحرك المستمر.
وبذلك، أخذ المبادرة الزمالك. وصنع حالة دائمة طوال 45 دقيقة الأولى وكانت الحالة عبارة عن: ضغط أبيض مصحوب بالتحامات قوية فى ملعب ضيق أينما ذهبت الكرة. ومساحات ضيقة خانقة.. لم تكن مجرد حالة فى لحظة ولم تتكرر ولكنها حالة متكررة طوال الشوط الأول كله، وهو ما أصاب لاعبى الأهلى بالعصبية والتوتر لأنهم لا يلعبون براحتهم، ولا يلعبون كرتهم. وهذا كله كان قبل أن يطبخ الأهلى المبادرة كعادته ويباغت منافسه بالضغط وبهدف مبكر، ولذلك خرج الأهلى من اللقاء طوال الشوط الأول. ثم عاد فى الشوط الثانى متأخرا وأخذ يهرول محاولا اللحاق بالقطار وهو يغادر القطار المحطة، وأهدر فرص التعادل على الأقل..
** إذا كانت المباراة دون المستوى، فإنه من الواجب ومن الإنصاف أن نسجل أهم من ظهروا فيها وهم بالترتيب: جنش حارس الزمالك الذى تصدى لفرصتين. وطارق حامد الذى قام بجهد كبير وتحرك كثيرا وإن عابه قوة الالتحامات. وأيمن حفنى الخطير. ومعروف يوسف أحد أهم مفاتيح الزمالك.. بينما فى الأهلى لم ينجح أحد..!
** فنيا لا أجد فى المباراة كرة القدم التى كنا ننتظرها. فهى واحدة من أعنف وأسوأ وأكثر مباريات الأهلى والزمالك عصبية وتوترا وفوضى فى السنوات الأخيرة، وبدت كأنها مباراة قمة من الزمن القديم، زمن الأعصاب الفلتانة، والعصبية الزائدة، والغضب بلاسبب.. فلماذا كانت المباراة كذلك؟
** استعد الأهلى للمباراة واثقا ومتعاليا وربما مغرورا، باعتبار أن الفوز على الزمالك سيكون بمثابة حبة الكريز التى يزين بها
«تورتة الدورى».. بينما استعد الزمالك للمباراة بجدية وحماس، وباعتبار أنها نقطة فارقة فى مشوار هذا الجيل فإما يكون أو لا يكون. وكان الفوز على الأهلى بالنسبة للزمالك هو تزيين «تورتة الدورى برامى السهم الفرعونى (شعار الزمالك) .. وقد حدث ما أراده.
** قبل المباراة قلت إنها مهمة جدا للزمالك وإنه يحتاج الفوز لأسباب كثيرة. وإنها مباراة قمة مهما كانت مواقف الفريقين فى جدول المسابقة.. وكم كانت سذاجة من جانب البعض ومنهم خبراء، بأنها مباراة تحصيل حاصل. فهم يرون الأهلى بطلا للدورى. والزمالك يعانى ولا يمثل تهديدا. بينما الحقيقة التاريخية تقول إنها مباراة ديربى وقمة بقوة تاريخ الفريقين، وبقوة شعبية الفريقين، وبقوة الصراع بينهما قديما وحديثا، ومستقبلا، وبقوة ظاهرة القطبية فى كرة القدم..
** سبب آخر لتلك العصبية هو تعيين حكم مصرى لإدارة اللقاء. (من فضلك اقرأ بعناية هنا) .. وهذا ليس طعنا فى التحكيم المصرى.. وإنما يسأل عن العصبية والانفلات اللا أخلاقى؛ لاعبو الفريقين، والأجهزة الفنية، والجماهير التى لا تصدق الحكم المصرى، ولا تثق فيه حتى لو كان عادلا ورائعا.. ويسأل عن تلك العصبية من تغاضى عن طبيعة لقاءات الأهلى والزمالك التى لا تحكمها النتائج السابقة ولا الترتيب فى جدول المسابقة.. والأمر فى الحقيقة له علاقة بمفاهيم تتعدى حدود كرة القدم.. ولعلك تدرك ما أعنيه بما يسمى «عقدة الخواجة ».. فنصدق الحكم الأجنبى. ونصدق الصحيفة الأجنبية. ونصدق السائح الأجنبى. ونبحث فى كل ما هو أجنبى عن رأيه فى الكرة المصرية، وفى الرياضة المصرية، وفى السياحة المصرية وفى السياسة المصرية، وفى الحالة الاقتصادية المصرية.. وسؤالنا الإعلامى الشهير لا يغيب أبدا عن ذهنى: ما رأيك فى مصر؟ وقد يوجه السؤال لضيف يخرج لتوه من باب الطائرة فى المطار ولم يطرق بعد باب مصر التى يزورها لأول مرة..
** نحن فى مجتمع يبحث عن شهادة الأجنبى للأسف بسبب موروثات قديمة جدا وفى مقدمتها المجاملة، وتطييب الخواطر، وعدم الدقة، وعدم الموضوعية.
«والكوسة والواسطة».. وتلك الموروثات جعلتنا لا نصدق أنفسنا، حتى ونحن نمارس الرياضة التى تعد أعدل نشاط عرفه الإنسان، فالأفضل يسبق ويكسب ويفوز.. وبالتالى لم نعد نصدق الحكم المصرى حتى لو كان عادلا.. بينما نصدق الأجنبى ولو خرف فى قراراته..!
** التحكيم فى مصر ليس هو المشكلة.. والمجتمع الذى يغضب من التحكيم المصرى هو الذى يحتاج إلى تدريب.. والتدريب مثل التعليم. وأفضل تعليم بالتجربة والخطأ.. وأفضل وسيلة تجربة وتدريب أن يرى الجمهور التحكيم عادلا فى قراراته حين يواجه الكبيران الأهلى والزمالك الفرق الأخرى. وحين يخرج لاعب عن السلوك السليم وعن الروح الرياضية يعاقب بأشد أنواع العقاب.. ولا أطالب بذلك فى مباراة للأهلى والزمالك وإنما بترسيخ العدالة كى تصل إلى المباريات التى يلعبها الأهلى والزمالك.. فيدرك جميع اللاعبين أن القانون له ميزان عادل وسيف قاطع..
** الفوضى التى شاهدناها فى المباراة لم تكن بسبب الحكم المصرى.. ولكنها كانت بسبب محيط رياضى مدلل لم يتدرب على قيم العدل، وينتظر العدالة من الخواجة، فى صورة شهادة أو قرار.. تلك هى الحقيقة!