خلطة مرسى
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 27 مايو 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
مر عام على ولاية مرسى، اثنا عشر شهرا بالتمام والكمال، وبدلا من مهلة مائة يوم طلبها لتنفيذ ما وعد به فى حملته الانتخابية، منحه الشعب ٣٦٥ يوما، فماالذى تحقق؟ ما الذى أنجزه فى الملفات التى وعدنا بالانتهاء منها بعد ثلاثة شهور من انتخابه، ما الذى أضافه فى الشهور التسعة التالية؟
لا شىء، لا شىء فعلا، وإياك أن تصدق الأكاذيب التى ترددها أبواق الجماعة عن الاكتفاء الذاتى من القمح، والمشروعات الصناعية العملاقة التى تتسابق دول العالم لاقامتها فى بلادنا، وحقول الغاز والبترول الشاسعة التى تم اكتشافها اخيرا، والاستثمارات التى تتدفق بغزارة من دول العالم، بعد أن أدركت المستقبل الباهر الذى ينتظر مصر، والاستقرار الذى تنعم به تحت حكم الرئيس والجماعة.
هذا كله كذب وتدليس، ويخالف تماما ما أجمع عليه خبراء الاقتصاد العدول والمؤسسات الدولية المحترمة، وهدفه الوحيد استمرار الجماعة فى الحكم، وبقاء مرسى حتى نهاية ولايته، حتى لو خربت مصر وانهار اقتصادها وتفتتت أوصالها.
أعارض مرسى قطعا، وكتبت مرة أنه بلا طلة ولا قدرة ولا رؤية، ويشعرنى بالخجل كلما غدا أو راح، فمصر العظيمة تستحق أفضل من هذا بكثير، وأعتقد أن أكثر ما ميز العام الأول من حكم مرسى، هو عجز أول رئيس مدنى منتخب عن أن يكون رئيسا لكل المصريين، والحقيقة أنه لم يحاول ولن يفعل، ببساطة لأنه لا يريد.
ما يريده مرسى هو أن يظل فى كنف الجماعة، ابنا بارا للمرشد ولمكتب الارشاد، وفيا لمبادئ السمع والطاعة التى تربى عليها.
ولعلك لاحظت أن مرسى حاول أن يبدو فى بعض المواقف حريصا على الشرعية الدستورية والقانونية التى أتت به رئيسا للبلاد، كما حاول أن يغلب فى مواقف أخرى الشرعية الثورية، فبدا مستجيبا لنداء الشارع حتى لو كان مخالفا للدستور والقانون، باعتباره «قائد الثورة» الذى يمكنه أن يدعو الشعب للاحتشاد فى أى لحظة فيلبى نداءه على الفور، وهى واحدة من الخزعبلات التى تسيطر على ذهن الرئيس، ويستدعيها بين الحين والاخر.
لكننى أرجوك أن تلاحظ أيضا، أنه فى انتقالاته وقفزاته بين الشرعيتين الثورية والدستورية حسب الهوى والغرض، بقى شديد الولاء لجماعته، حريصا على مصالحها العليا التى لا تتفق بالضرورة ــ الأصح أنها لا تتفق غالبا ــ مع مصلحة البلاد، بل ان هذه القفزات والشقلباظات، كانت فى حقيقتها لخدمة أهداف الجماعة وتمكينا لدعائمها وتنفيذا لأوامرها، فلم تكن ثورية مرسى هى التى أملت عليه غض الطرف عن حصار المحكمة الدستورية ولا التنكيل بأعضائها، ولا عزل النائب العام، ولا دهس احكام القضاء ببطلان انتخابات مجلس الشعب، ولا حصار مدينة الانتاج الاعلامى، ولا تعذيب وقتل المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية، ولا اتهام المعارضين بالعمالة والخيانة.
كما لم يكن حرصه على تثبيت دعائم دولة الدستور والقانون هو الذى حال بينه وبين التدخل لمنع مجلس الشورى من مناقشة قانون السلطة القضائية.
انها خلطة مرسى السحرية، ان أردت أن تفهمها، فتش عن الجماعة.