حتى لا نكرر نفس الكلام الذى نقوله جميعا عقب أى عملية إرهابية، دعونا نركز على حلول عملية ربما تفيد فى مواجهة خطر الإرهاب.
الصديق إبراهيم المنيسى الكاتب الصحفى بالأخبار ورئيس تحرير مجلة الأهلى، لفت نظرى مساء الجمعة الماضى إلى أهمية تركيب كاميرات مراقبة فى أكبر قدر من الأماكن والشوارع والطرق.
سعر الكاميرات لم يعد مشكلة، حيث هناك نوع يباع بحوالى ٣٠٠ جنيه فقط. هذا المبلغ الصغير جدا يمكنه أن «يمنع بلاوى كثيرة». تخيلوا لو أن هناك كاميرات مثبتة على مداخل مدن ومراكز الصعيد على الطريق الصحراوى الغربى، ألم يكن من الممكن أن نتوصل ربما إلى هوية الجناة عبر أرقام السيارات بدلا من تحول الامر إلى البحث عنهم بطريقة «الإبرة وسط كومة من القش».
الكاميرات لم تعد ترفا. وهناك مدن كاملة فى العالم مغطاة بالكاميرات. ليس فقط فى أوروبا وأمريكا، بل فى مدن عربية، والنموذج الأفضل موجود فى دبى، التى مكنت السلطات هناك من فك ألغاز كبرى متعددة منها على سبيل المثال قصة مقتل سوزان تميم على يد ضابط الأمن المصرى السابق السكرى بتكليف من هشام طلعت مصطفى. بل إن دبى مرغت بسمعة الموساد الإسرائيلى فى التراب، والفضل لكاميرات أحد الفنادق التى صورت عملاء الموساد وهم يتوجهون إلى غرفة القيادى فى حركة حماس محمود المبحوح ويقتلونه. كاميرات دبى أيضا صورت عصابة من أوروبا الشرقية وهى تسرق العديد من قطع الألماس باهظة الثمن من أحد المولات التجارية الكبرى.
قبل أيام قامت سيارة ميكروباص أعلى الطريق الدائرى قرب كرداسة بخطف سيدة وسرقتها بعد إيهامها أنها سيارة أجرة. فى اليوم نفسه، تم ضبط الجناة لأن كاميرا معرض سيارات أسفل الطريق قامت بتصوير أرقام السيارة. تخيلوا لو أن الكاميرا لم تكن موجودة.. هل كان سيتم ضبط الجناة فى يوم أو حتى سنة؟!.
الكاميرات لا تقلل من جهود رجال الشرطة، لكنها تساعدهم بصورة كبيرة، وعلينا أن نتذكر أن الكاميرات لعبت الدور الأكبر فى كشف لغز تفجير الكنيسة البطرسية فى أوائل ديسمبر الماضى. لقطة واحدة، قادت إلى الجناة. والكاميرا أيضا كشفت لنا صورة الإرهابى الذى فجر الكنيسة المرقسية فى الإسكندرية فى أبريل الماضى.
الكاميرات صارت اليوم كالماء والهواء، وبالتالى فقد وجب على أجهزة الأمن أن تعتبرها من مسوغات الترخيص لأى محل أو منشأة أو مؤسسة ومن يخالف يتعرض لأقسى العقوبات.
تأثير وأهمية الكاميرات هى التى جعلت «أنصار بيت المقدس» يقومون بتدميرها فى بعض شوارع العريش، وتهديد المواطنين بعدم تركيبها أمام محلاتهم أو بيوتهم، نظرا لأنها يمكنها كشف المستور.
سيقول البعض إن الإرهابيين واللصوص وكل شخص مخالف للقانون سيحاول بكل الطرق تخريب هذه الكاميرات لكن حتى لو حدث، فسوف تقوم كاميرا خفية أخرى بتصويره.
السؤال ما الذى يمنعنا أن نعمم الكاميرات فى كل مكان؟! هل هى أزمة تمويل؟!.
أظن بأنه صعب تصديق ذلك، لأن أى أموال سيتم دفعها، ستكون أهون مليار مرة من تكلفة أى عملية إرهابية، ليس فقط من ناحية الأموال، لكن وهذا هو الأهم حفظ الأرواح وهزيمة الإرهابيين.
هل هى أزمة إدارة؟! ربما، لكن لم يعد لنا ترف الانتظار. علينا أن نتكيف مع فكرة أن الإرهاب سيلازمنا لبعض الوقت، وبالتالى فالمهم هو بذل الجهد الصحيح وفى الوقت الصحيح وبالطريقة الصحيحة.
أتمنى أن يصدر تعميم من الحكومة وأجهزتها المختلفة بأن يكون تركيب الكاميرات إجباريا فى المحلات، وأن تبادر الحكومة بتركيب نظام كامل من هذه الكاميرات فى الشوارع العامة والطرق السريعة. قد يقول قائل: وهل يستحق الأمر أن ننفق هذه الأموال من أجل الكاميرات؟ الإجابة نعم يستحق. فالمحافظة على حياة البشر والأهم دحر الإرهاب يتطلب بعض التضحيات! وحتى لا نعود مرة أخرى بعد شهر أو شهرين إلى اللطم والصراخ والولولة!