في التسريب.. انسف تعليمك القديم
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 27 يونيو 2016 - 9:45 م
بتوقيت القاهرة
يعتقد الدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم، أنه بإحالة عدد من المسئولين عن وضع امتحان الديناميكا لطلاب شعبة الرياضيات بالثانوية العامة الذى جرى تسريبه جهارا نهارا الأحد الماضى، وتأجيل الامتحانات التى كان مقررا لها اليوم الثلاثاء، إلى الأسبوع المقبل، قد كفى الوزارة «شر» التسريب، وأعفى نفسه من وصمة «الفشل» الذى يلاحقه منذ بداية العام الدراسى، وحتى تلقيه طعنات التسريب مع اليوم الأول لبدء الامتحانات عندما اضطر إلى الغاء مادة التربية الدينية، وغض الطرف عن تسريب امتحانى الاقتصاد واللغة الأجنبية الثانية.
قبل بدء الامتحانات صدعتنا الوزارة عن استعدادتها الجبارة، وغرفة عملياتها الحربية المسلحة بخبراء الإنترنت، وجهابذة مكافحة الجريمة الإلكترونية الذين سيأتون «بالديب من ديله»، وبما يضمن موسم امتحانات خاليا من الغش، غير أن لـ«شاومينج»، كانت الكلمة الفصل، بتحديه الجميع، وإعلانه عن تسريب الامتحان فى الزمان الذى يقرره، وسط تخبط واضح من السادة المسئولين عن منع التسريب، وكلما تحدثوا عن القبض على مسئول صفحة إلكترونية تقوم بالمساعدة على الغش، ظهرت أخرى بمتوالية هندسية، تفوق توالد الأرانب.
وعند كل فشل لوزارة التعليم، يسارع الوزير إلى إلغاء الامتحان، أو التهديد بالغائه، وكأن مصير 500 ألف أسرة يربو عددها على مليونى فرد، ليست بالحسبان، وقد «شربت المر» على مدى عام دراسى كامل، وهى تدفع للسادة أباطرة الدروس الخصوصية آلاف الجنيهات، على أمل عبور عنق الزجاجة، والخروج من بيت الأشباح المسمى بالثانوية العامة، لكن الوزير يصر على تصدير فشله، إلى أولياء الأمور والطلاب المجتهدين، ممن لم يعرفوا الغش، ولم يمارسوه يوما، بعد أن اجتهد آباؤهم فى ذرع القيم والأخلاق فى نفوسهم.
منذ اليوم الأول فى هذا العام الدراسى المنكود، والدكتور الشربينى يخرج مهزوما من معركة، ليهزم فى أخرى، فلم يصمد الرجل أسبوعا أمام مافيا مراكز الدروس الخصوصية أو «السناتر»، ورضخ لجبروتها، فلم يتمكن من إغلاق أى من مقراتها الكبرى المعروفة المكان، وولى الأدبار، أمام من أخرجوا للوزارة لسانهم من أصحاب الألقاب الوهمية الكبيرة، أمثال نيوتين الفيزياء، وشكسبير الإنجليزية، وأفلاطون الفلسفة، وابن فطوطة الجغرافيا، وسيبويه اللغة العربية، وغيرها من القاب تتحدى منظومة الفشل التعليمية التى وحلنا فيها.
وكلما منى معالى الدكتور الوزير بهزيمة، صدر نتائجها إلى أولياء الأمور ممن لا حول لهم ولا قوة، هؤلاء الذين سلموا أبناءهم، وما توفر من جنيهات قليلة، لقلة ممن لا يعرفون بهم شفقة ولا رحمة، تحت سمع وبصر الجميع من مسئولى التعليم، الذين يشاركون فى تعذيب الآباء وأولياء الأمور، بالصمت حينا، وبفشلهم فى وضع الحلول الكفيلة بإخراجنا من هذه الدائرة الجهنمية، التى تكوى الجلود بسادية منقطعة النظير.
تفشل وزارة التربية والتعليم، فى منع تسريب الامتحانات، وتعجز وزارة الداخلية، التى حصلت على رشة جريئة من المكآفات من ميزانية الأولى، عن منع الغش، فيلجأ الدكتور الشربينى «متأخرا كالعادة»، إلى إلغاء الامتحان، ليذيق الطلاب وأولياء أمورهم، أسبوعا إضافيا من الذل والمعاناة، طبعا هذا ليس اعتراضا على إلغاء امتحان ثبت تسريبه، ولكنه احتجاج، على تحميلنا كأسر عبء ضعف وزارة، وفشل منظومة تعليمية تحتاج إلى نسفها، واقتلاعها من جذورها، إذا كنا نبغى إصلاحا، ونسعى إلى تقدم.
فى التسريب الأخير لمادة الديناميكا، تصاعد صوت أولياء الأمور المطالبين باقالة وزير التعليم، وفى تقديرى لو كان الرجل لديه شجاعة تحمل المسئولية السياسية لأعلن استقالته، حفاظا على ما تبقى لهذه الحكومة من رصيد يتآكل مع كل صباح جديد.