سلاح ترامب الأخير

محمد الهوارى
محمد الهوارى

آخر تحديث: السبت 27 يونيو 2020 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

يبدو أن ملامح الانتخابات الأمريكية بدأت تتشكل كما بدأت توجهاتها فى الظهور، تتفق معظم التوقعات اليوم على أن الرئيس الأمريكى ترامب سوف يخسر الانتخابات الأمريكية أمام منافسه نائب الرئيس السابق جو بايدن، ليس هذا فقط، بل ويبدو أيضا أن هناك هزيمة حمراء كبيرة فى الانتظار، اللون الأحمر هو لون الحزب الجمهورى، أما الأزرق هو لون الحزب الديمقراطى الذى تتجه التوقعات لفوزه فى الانتخابات التشريعية التى تقام بالتوازى مع الانتخابات الرئاسية.
سوف يأتى الوقت الذى نتحدث فيه عن توقعاتنا لشكل السياسة تحت رئاسة بايدن، وعن مجالس تشريعية زرقاء جزئيا أو كليا، ولكننا كما تعودنا مع ترامب، لا شىء مضمون، فقد أثبت ترامب فشل أنظمة التوقع والاستطلاع فى الانتخابات السابقة التى منحته البيت الأبيض على عكس معظم التقارير والتحليلات التى خرجت من كبريات مؤسسات الدراسات والإحصاء، ولكن ظنى أن الواقع هذه المرة يبدو مختلفا، تعلمت مؤسسات الاستطلاع كثيرا من أخطائها السابقة وحاولت إصلاح وتطوير الكثير من نظم الاستبيان الخاصة بها، الخلاصة أن ثقتى زادت جدا فى الاستطلاعات الحالية، خاصة التى تقوم بها مجلة الإيكونوميست التى خصصت أخيرا موقعا على الإنترنت لنشر نتائج استطلاعاتها وتقوم بتحديث هذه البيانات بصفة دورية، وبناء عليها فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تبدو شبه محسومة.
لا أريد الخوض الآن فى استعراض وتحليل الأسباب المختلفة التى أدت إلى استنتاج فشل ترامب فى الحفاظ على الرئاسة لفترة ثانية، ولكن يتوجب علينا أن نوضح أن خسارة رئيس أمريكى لفترة رئاسته الثانية هى شىء نادر ومعناه فشل هذا الرئيس فى التعامل مع الأحداث على عدة أصعدة، لم يحدث أن خسر رئيس فترته الثانية منذ وقت جيمى كارتر سوى جورج بوش الأب الذى خسر أمام بيل كلينتون؛ وحش التعامل مع الإعلام، حتى كارتر خسر رئاسته أمام نجم السينما السابق رونالد ريجان وليس أمام بايدن العجوز المشهور بحماقاته فى وسائل الإعلام. ولكن كل هذا ليس مربط الفرس، ما يهمنا الآن أن ترامب يبدو وكأنه يحارب معركته الأخيرة للحفاظ على الرئاسة ونتوقع فيها أن يستعمل جميع الأسلحة حتى وإن خرجت عن المألوف، الاقتصاد هو بالطبع من ضمن هذه الأسلحة وهو الذى ــ رغم كل محاولات ترامب لإنعاشه ــ دخل طريق مظلم من الديون والبطالة جزئيا بفعل الكورونا، وما كانت الكورونا إلا عاملا محفزا لعناصر أخرى كانت موجودة من قبلها، وبالتالى فالكورونا تسببت فقط فى تسارع أحداث كانت ستأتى فى كل الأحوال.
أحد هذه الأسلحة غير المألوفة التى يرى بعض المحللون أن ترامب سيستعملها هو سلاح الحساب العام للخزانة الأمريكية، هو ببساطة حساب جارى للحكومة وعادة يكون فيه المبلغ اللازم لتسيير الأعمال الاعتيادية لفترة لا تزيد عن خمسة أيام وفى المعتاد لا يزيد عن بضعة مليارات معدودة، اليوم ولأول مرة فى تاريخه يصل هذا الحساب لتريليون ونصف التريليون دولار (أى ألف وخمسمائة مليار دولار أمريكى).
المتوقع أن ترامب سيقرر قبل الانتخابات حزمة مساعدات يستفيد منها أفراد الشعب الأمريكى ذوو الدخل المحدود أو تحت المتوسط دون الرجوع للمشرعين وذلك كمثال لرشوة انتخابية لم نرى لها مثيل فى التاريخ الأمريكى الحديث، فهل سيكون ذلك أحد آخر الأحداث الدرامية فى إرث ترامب العجيب؟ سنرى، ولكنه بالتأكيد لن يذهب بسهولة وبدون معركة أتوقع أن تترك مزيدا من الدمار للريادة الأمريكية العالمية التى عانت تدميرا تدريجيا ولكن مستمرا عبر السنوات الماضية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved