توشكى الجديدة
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 27 يونيو 2024 - 6:30 م
بتوقيت القاهرة
فى زيارة الأحد الماضى نظمتها هيئة التوجيه المعنوى للقوات المسلحة لمشروع توشكى الزراعى، الواقع جنوب أسوان بنحو 200 كم، قام العديد من الشخصيات العامة وقادة الرأى والصحفيين، بزيارة موقع المشروع، والتجول فى ربوعه.
واحد مما قرأت قبل الزيارة عساه أن يكون مفيدا، تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات حول المشروع، المسطور قبل عقد ونيف ويتألف من نحو 20 صفحة، وهو تقرير صادق لكونه صادرا عن هيئة محايدة مردت على الصدق. كشف النقاب عن هذا التقرير بعد 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013. التقرير يقول إن المشروع مكلف للغاية، وأن بعض الشركات الأجنبية انسحبت منه للجدوى الاقتصادية، رغم أن بعضا من تلك الشركات قد حصلت على مميزات ضخمة عبر عقود وصفها جهاز المحاسبات بأنها «عقود إذعان» من قبل تلك الشركة للدولة المصرية وقتئذ. إضافة إلى ذلك كانت هناك انتقادات أخرى للمشروع تتصل بمسامية التربة التى لا تترك قطرة ماء حول جذور الأشجار خاصة مع ارتفاع حرارة التربة والطقس معظم أيام السنة.
ما شوهد هو بحق نقلة محترمة ومعتبرة وسعى جاد لتغيير ما حدث، ووسيلة للتعامل بشكل أكبر وأنجع ممن هم سبقوا فى خوض التجربة ولم يحالفهم النجاح.
ولأن البحث عبر الملاحظة المباشرة هو أفضل ما يمكن أن يجتره الباحث من خبرة وتجربة فى كتاباته، فإن اعتماده على العين المجردة لا المصادر والمراجع المكتوبة حتى لو وثائق ومصادر أولية ستكون أكثر إقناعا للقارئ.
هناك باختصار مئات الآلاف من أشجار نخيل البلح غير التقليدى، ونقول هنا غير تقليدى، لأنه نخيل لم نعتد رؤيته، فشجرته لا يزيد طولها عن الثلاثة أمتار، وهى تنتج أفخر وأجود أنواع التمور فى العالم. فمصر منذ عشر سنوات كانت توصف بإنتاجها الوفير من التمور، وكانت فى مصاف دول العالم من حيث الكثيرة. اليوم هى تقريبا أولى دول العالم من حيث الكم والكيف معا. أنواع مثل المجدول وخلاص وأبو معان والسكرى وغيرها وغيرها هى ما رأينا فى تلك البقعة القاحلة على مدى النظر من السيارة، ومن خلال عملية الترجل المباشر الذى قمنا بها. بالطبع لن يقتصر الأمر على بيع التمور، فالمخطط فى المرحلة القادمة هو بيع تلك الفسائل الجيدة والنادرة للنخل، ولربما بيع جريد النخل وزعفه وجماره وكل ذلك يستخدم فى عدة صناعات.
وسط هذا العدد الضخم من أشجار النخيل، يوجد بقع صغيرة للعنب والمانجو، كما كانت هناك زراعات كثيفة للقمح، ذاك المحصول الاستراتيجى المهم للغاية للبلاد.
لا شك أنه رغم النجاحات الكبيرة للمشروع ما زالت هناك تحديات يعتقد أن الابتكار والتطور التقنى كفيلان بالتعامل معها. مشكلة التعامل مع شح المياه عبر الرى بالرش لمحصولى القمح أو الذرة والرى بالتنقيط للنخيل وغيره، هو أهم وسيلة لتوفير المياه لشمال البلاد. بعد المسافة هو تحدٍ جديد، وقد قيل لنا أن المشروع يتعامل مع المستوردين لمنتجاته برفق حتى لا يحملهم وحدهم تبعات بعد المسافة بين المنتج وأسواقه. بالطبع تأسيس مطار مخصص فقط لنقل البضائع ملاصق للمشروع بدلا من مطار أبو سمبل الدولى البعيد نسبيا عن المشروع هو خطوة يجب دراستها. الأيدى العاملة أيضا تحدٍ مهم، وإن كان المشروع بدأ يتغلب عليها بالعمل بعيدا عن ساعات الذروة فى ارتفاع الحرارة.
لا شك أننا فى حاجة جادة للدعاية لهذا المشروع عبر الإعلام، وعبر وسائل التعليم المختلفة، وعبر تنظيم الرحلات لتلك المنطقة لتعريف الناس والمستثمرين بكم المنجز وتلك البقعة الواعدة، أيضا من المفيد تعريف الناس بمنتجات هذا المشروع بالإفصاح عن أنها منتجات توشكى عسى أن يكون ذلك وغيره من خطوات تشجيعا وحثا على المزيد من الإنجاز.