ليس عالمنا العربى وحده.. ولكن
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الأحد 27 يوليه 2014 - 8:55 ص
بتوقيت القاهرة
ليس عالمنا العربى وحده الذى يعانى من انتهاكات حقوق الإنسان ومن الصراعات الأهلية والانفجارات المتتالية للإرهاب وللعنف ومن تردى الأوضاع المعيشية للأغلبيات الساحقة من الشعوب إلى حد تهديد الحق فى الحياة.
ليس عالمنا العربى وحده، فانتهاكات الحقوق والصراعات الأهلية وأعمال الإرهاب والعنف تتواصل على نحو مأساوى فى أرجاء المعمورة المختلفة وتزج ببلدان كثيرة إلى دوائر الدماء والدمار وانعدام الاستقرار. بعض الأمثلة - جمهورية أفريقيا الوسطى، أفغانستان، باكستان، أوكرانيا، الواقعة فى قلب القارة الأوروبية، والأخيرة تشهد صراعا مسلحا بين حكومتها المدعومة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وبين مجموعات انفصالية تتمركز فى بعض مناطق الكثافة السكانية ذات الأصول الروسية وتمدها روسيا بقدرات عسكرية متطورة وتحشد وحدات من جيشها على الحدود للتأثير على مجريات الصراع.
ليس عالمنا العربى وحده الذى لم تزل الديمقراطية غائبة عنه وتحالفات منظومات الحكم/ السلطة مع النخب الاقتصادية والمالية والبيروقراطية النافذة تحمى الاستبداد والفساد، فغياب الديمقراطية حاضر أيضا فى أقاليم ومناطق أخرى. فى خانات الدول الكبرى نجد الصين ذات التعداد السكانى الأعلى عالميا، والتى تحكمها نخبة الحزب الشيوعى المتحالفة مع مجموعات الأعمال، ونجد أيضا روسيا التى يدير شئونها فلاديمير بوتين رئيسا/ رئيسا للوزراء/ رئيسا، والذى لا يعتبر كثيرا بمعايير حقوق الإنسان والحريات، وفى الحالتين استبداد وقمع فى الحكم مصحوب برأسمالية اقتصادية. فى خانات الدول الأقل أهمية عالميا نجد كوريا الشمالية التى يتسلط عليها ديكتاتور ابن ديكتاتور/ حفيد ديكتاتور، يضع على مجتمعه العصابة السوداء ونجد أيضا زيمبابوى التى يحكمها منذ استقلالها فى النصف الثانى من القرن الماضى الديكتاتور موجابى وأجهزته الأمنية والاستخباراتية. الصين صاحبة معدلات النمو الاقتصادى والتنمية البشرية المبهرة، روسيا التى استقرت مع بوتين بعد انهيارات تسعينيات القرن الماضى وتفكك الاتحاد السوفييتى السابق، كوريا الشمالية التى يحتفظ حاكمها الديكتاتور لذاته بألقاب الموسيقى الأول/ الرياضى الأول/ محبوب النساء الأول ويتحدث إعلامه عن انتصارات فريق كرة القدم الوطنى فى كأس العالم الذى أقيم بالبرازيل وهو لم يكن بين الفرق المشاركة فى الكأس لخروجه من تصفيات القارة الآسيوية، زيمبابوى التى كلما ضاقت بموجابى وأجهزته سبل فرض قبضتهم الحديدية على المجتمع والمواطن شنوا حملات تصفية تارة ضد ملاك الأراضى الزراعية ذوى الأصول الأوروبية وتارة ضد المعارضين السياسيين ومنظمات المجتمع المدنى؛ عنهم جميعا تغيب الديمقراطية وبهم تنتهك الحقوق والحريات وإن تباينت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية بشدة.
ليس عالمنا العربى وحده، بكل تأكيد. إلا أن التكثيف البالغ لانتهاكات الحقوق والحريات وللصراعات الأهلية وللإرهاب وللعنف ولتفتت بعض الدول الوطنية ولغياب الديمقراطية فى المساحة الجغرافية الممتدة بين المغرب والبحرين يجعل من عالمنا العربى الاستثناء الإقليمى الأبرز الوارد على حركة البشرية العامة نحو الحق والحرية والتقدم والديمقراطية. فالديمقراطية غائبة عن الصين، إلا أن معدلات نموها الاقتصادى وتنميتها البشرية ومن ثم تقدمها مبهرة. وانتهاكات الحقوق والحريات حاضرة فى روسيا، إلا أن دولتها الوطنية الجديدة (الاتحاد الروسى) متماسكة ولم تعد تعانى من انفجارات إرهابية متتالية كما فى تسعينيات القرن العشرين. أما البلدان الأخرى من أفريقيا الوسطى إلى كوريا الشمالية، فهى أصغر من أن تشكل استثناءات إقليمية بارزة وفى جوارها المباشر تقع بلدان تتمتع بالحق والحرية والديمقراطية وبعضها (ككوريا الجنوبية) يسجل معدلات تقدم مرتفعة.
والسؤال لنا فى العالم العربى وفى مصر، هل نريد لتخلفنا عن حركة البشرية أن يتواصل؟ هل نريد لمعاناتنا من غياب الديمقراطية والانتهاكات والصراعات الأهلية والإرهاب وتفتت الدول الوطنية أن تستمر؟ أم هل نعترف بإخفاقاتنا وبضرورة التغيير الديمقراطى ونضغط سلميا على منظومات الحكم/ السلطة والنخب المتحالفة معها من أجل الانتصار لحقنا فى الحياة وفى أوضاع إنسانية أفضل ومن أجل لملمة أشلاء الدول الوطنية واللحاق بحركة البشرية؟
هذا هو سؤالنا المركزى الآن، ولا مكان أو وقت لليأس والقنوط أو للانسحاب والاستقالة من الشأن العام أو للصمت والتجاهل. أعيدوا حساباتكم، أستصرخكم.