حان وقت وفاء الإخوان بالوعود


ديفيد جاردنر

آخر تحديث: الإثنين 27 أغسطس 2012 - 7:55 ص بتوقيت القاهرة

يبدو أن مصر، والعالم، لم يقدرا محمد مرسى حق قدره، وهو الإسلامى، الذى صار فى انتخابات يونيو التاريخية أول رئيس منتخب ديمقراطيا. وعلى أى حال، فهو لم يكن حتى الخيار الأول لحزبه، النابع من جماعة الإخوان المسلمين القوية والسرية. لكن الجيش، الذى تولى أمر البلاد منذ الإطاحة بحسنى مبارك العام الماضى بأيدى ثوار ميدان التحرير، كانت لديه فرصة للتعرف عليه عن قرب.

 

•••

 

ومؤخرا، أقال مرسى أكبر القادة العسكريين، المشير محمد حسين طنطاوى، وزير دفاع مبارك طوال عشرين عاما، والفريق سامى عنان، رئيس الأركان، والحليف المقرب من الولايات المتحدة، فضلا عن قائدى الطيران والبحرية، واللواء مراد موافى مدير المخابرات العامة.

 

وكان موافى، فى الواقع، قد أقيل فى وقت سابق عقب هجمة دموية قام بها جهاديون على القوات المصرية شمال سيناء، بالقرب من الحدود الإسرائيلية. غير أن تزايد ضعف سيطرة الدولة فى سيناء أمد مرسى بالذريعة والدافع للتخلص منه ــ إذ كان ذلك بالفعل سبب هذا التقاعد القسرى غير أن هذه بالتأكيد ليست الصورة الكاملة.

 

عندما حل الجنرالات ــ قبيل الانتخابات الرئاسية مباشرة ــ البرلمان ذا الغالبية الإسلامية، واستولى منه على السلطة التشريعية، بدا الأمر كما لو كان انقلابا وقائيا. قارن البعض ما وقع، بما حدث فى الجزائر قبل 20 عاما، عندما ألغى الجيش انتخابات لمنع فوز الإسلاميين، واشتعلت حرب أهلية وحشية. ولكن حتى فى تلك الأيام الملتهبة من يونيو، كانت مصر تبدو على نحو أكثر مشابهة لتركيا فى عام 1997، عندما أزاح الجيش حزبا إسلاميا من الحكم. وسرعان ما وصل حزب العدالة والتنمية الإسلامى الجديد إلى السلطة، وبعد فترة طويلة من الشد والجذب، أزاح الجنرالات الأقوياء جانبا. وربما يكون ما حدث مؤخرا فى مصر مماثلا، ولكن  الحالة لا تبدو ــ لمن ينظر عن قرب ــ جزائرية ولا تركية، بل مصرية للغاية. فمنذ سقوط مبارك، وهو قائد سابق لسلاح الطيران، ظل فى السلطة ثلاثين عاما، شكل الإخوان وقادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة مركزى قوى متنافسين، يتواطآن معا أحيانا، ويتآمر كل منهما ضد الآخر فى أحيان أخرى. وشلت البلاد بسبب الصراع على السلطة، وتهاوى الاقتصاد. والآن يبدو أن مصالح الإخوان والجيش صارت متقاطعة. وعبر رويترز، أعلن محمد العصار، الذى رقى مؤخرا إلى منصب نائب وزير الدفاع، أن مرسى استشار المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل هذه التغييرات.

 

•••

 

وهناك ثلاثة أسباب توضح تقبل الجيش لما حدث.

 

أولا، إن رئاسة مرسى تحظى بالشرعية الديمقراطية، التى أقرها العسكر، عندما سمحوا بفوزه. وافتقر العسكر فى مصر إلى أى قدر من هذه الشرعية، بسبب سمعتهم التى مزقتها غطرستهم وضعف كفاءتهم فى الأداء خلال الشهور الثمانية عشر الماضية.

 

ثانيا، كان مرسى والإخوان المسلمون دهاة من الناحية التكتيكية، بحيث استمالوا الضباط الأصغر سنا، التواقين إلى الترقية. فضلا عن أن المشير طنطاوى الذى بدا مخلدا فى المنصب، اختاره مبارك فيما يرجع جزئيا إلى قدراته المتواضعة؛ فكان عليه، حتى يظل فى المنصب، قمع أى موهبة يمكن أن تكشف تواضع موهبته، أو تشكل تحديا له على الأصح.

 

بينما يشترك القادة القدامى والجدد فى المصلحة الثالثة: ضمان الحماية من الملاحقة القانونية؛ والتحكم فى ميزانيتهم، والإبقاء على مصالحهم الاستثمارية النافذة.

 

•••

 

ومما لا يقدر بثمن، من وجهة نظر مرسى والإخوان، أن ينظر إليه باعتباره استطاع انتزاع السلطة من الجيش. كما استعاد الرئيس فى يونيو السلطتين التشريعية والتنفيذية بعدما كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد منحهما لنفسه، فيما يبدو أن الجيش تقبل الأمر بلا تردد.

 

وربما يكون للمحكمة الدستورية، بأعضائها الباقين من عهد مبارك، رأى آخر، غير أن مرسى عزز موقفه مسبقا بتعيين قاضيين معروفين بالاستقلال، أحدهما نائبا للرئيس والثانى وزيرا للعدل. ولكن هل تتأهب القاهرة الآن لتصبح طهران على النيل، مثلما يحذر بعض المعلقين الأمريكيين؟ لقد قال أعضاء من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إنهم لن يسمحوا بقيام دولة إسلامية قائمة على الشريعة فى مصر. غير أنه من المتوقع أن يحرز الإخوان المسلمون نجاحا عندما تجرى الانتخابات البرلمانية الجديدة، وسوف يعكس الدستور ــ الذى لم يعد بعد ــ هذا الترتيب.

 

وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست عام 1928، منظمة صبورة. ولا شك أنها، بعدما صبرت ثمانين عاما، لن ترى حاجة للعجلة الآن. غير أن المؤسسة التى سوف تضع عليها عينيها هى الجيش، الذى يتعلق بالمجتمع المتدين بشكل عام ــ لما فيه من امتيازات ــ أكثر من نظيره التركى.

 

•••

 

وهكذا، سوف يتعين على المواطنين اكتساب المرونة الديمقراطية لمطالبة الحكومة ــ بعدما تم تعليق الصراع على السلطة مع الجيش ــ بإصلاح الاقتصاد المحطم، وإعادة مصر الى التعافى. فقد انتهى وقت الشعارات. وصار على المصريين أن يدفعوا الإخوان إلى الوفاء بالتزاماتهم.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved