الإخوان والمصالحة.. والثلاث ورقات
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 27 أغسطس 2013 - 8:50 ص
بتوقيت القاهرة
رغم الضربات الأمنية الموجعة التى تعرض لها تنظيم الإخوان المسلمين، باعتقال ربما عدة آلاف من كوادره الوسيطة ــ وهو ما قصم ظهر الجماعة وشل قدرتها على الحشد الجماهيرى ــ بالإضافة إلى محاكمة رؤوسه الكبيرة فى تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، لايزال التنظيم يلعب بثلاث أوراق يحلم بأن تعيده للسلطة من جديد!
أخطر هذه الأوراق هو استدعاء شبح الحرب الأهلية، التى هدد قادة التنظيم بإشعالها عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وقيام أنصاره بشن حرب شوارع ضد قوات الأمن المركزى وضد بعض المدنيين، واقتحام أقسام شرطة وقتل ضباطها بوحشية، وحرق عشرات الكنائس، وتأجيج الوضع العسكرى فى سيناء.
وتتمثل ثانى هذه الأوراق فى تقديم صورة مشوهة لثورة 30 يونيو ،عبر العديد من الكتابات والمحطات الفضائية، بادعائها الكاذب ان هذه الثورة مجرد انقلاب عسكرى دموى، فض اعتصاما سلميا بريئا، وقتل المئات إن لم يكن الآلاف من المشاركين فيه، والمتاجرة بدماء هؤلاء القتلى الذين دفعهم قادة التنظيم دفعا إلى الموت، ليصوروا للعالم انهم مظلومون، وهربوا هم من المواجهات، بل وتنصل بعضهم من التنظيم كله بعد القبض عليهم!
أما ثالث هذه الأوراق فهى استثمار الأوضاع الأمنية المتردية فى مصر، لتدويل المسألة المصرية، بالاتفاق مع دوائر صهيونية أمريكية، لإصدار عقوبات أممية ضد النظام الجديد فى مصر ،تمهد الطريق لسقوطه، بتشديد الضغوط الإقتصادية عليه، وصولا إلى تحقيق حلم الإخوان الأكبر بالتدخل العسكرى الغربى بقيادة أمريكا فى مصر، سواء بشكل مباشر، أو بتقديم الدعم العسكرى للقوى الإسلامية المتطرفة!
تتجاهل دعايات الإخوان أن اطلاق الرصاص بدأ من جانب المعتصمين، بعد رفضهم الانصراف من الميدانين، كما تناست أيضا حصاد عام كامل من البؤس السياسى والمهازل الرئاسية، بداية من المخططات الشيطانية لأخونة الدولة بدس قيادات بالتنظيم فى مواقع حيوية بأجهزة الدولة فى القاهرة والمحافظات.. ثم بتمرير دستور نصف الليل الذى شارك فى وضعه شخصيات ليس لها علاقة بالواقع، بعضها طالب بمنع تدريس اللغة الانجليزية فى مدراسنا، واخرون طالبوا بزواج البنات فى التاسعة من عمرهن، مع الإقصاء شبه الكامل لأهل الخبرة والاختصاص.. كما تناسى هؤلاء الأداء الهزلى للرئيس مرسى فى حديثه عن «الصوابع اللى بتلعب جوه مصر»، وعن «المتآمرين فى الحارة المزنوقة»، وإذاعته لفضيحة مؤتمر سد النهضة الرئاسى على الهواء، وقبل ذلك كله وعوده الكاذبة عن حل ازماتنا الخمس الكبرى فى المرور الأمن ورغيف الخبز والطاقة والنظافة فى 100 يوم، ثم برنامج النهضة الذى تبرأت منه قيادات التنظيم بعد فوز مرسى بالرئاسة، والذى اطلق عليه المصريون «مشروع الفنكوش»!
القيادات القطبية فى تنظيم الإخوان، لن يعترفوا بهزيمتهم، ولن يتجاوبوا أبدا مع الدعوات الحكومية للمصالحة الوطنية، كل رهاناتهم تنصب على تصعيد حربهم ضد الدولة وضد المجتمع الجاهلى الذى نعيشه فى مصر كما كان يراه مرشدهم الأعلى سيد قطب، كما ان الرهان الحكومى على المصالحة مع التيارات غير القطبية داخل الإخوان مجرد حرث فى البحر، لأنها لن تتجاوب مع هذه الدعوات الآن، حتى لا تتعرض لاتهامها بالخيانة، ولا بد أن نترك لها الوقت الكافى لتعيد حساباتها.
فى وسط هذه الملحمة السياسية التى نواجهها، لن يستطيع نظام ثورة 30 يونيو مواجهة مؤامرات الإخوان بامتدادتها الأمريكية ــ الصهيونية، إلا ببناء نظام سياسى جديد يحقق الحرية والعدالة الإجتماعية لملايين المصرين الذين اكتووا بنار الإخوان.. وليقطع الطريق على كل من يتقول على ثورة يونيو بأنها معركة فازت فيها الفاشية العسكرية على الفاشية الدينية!