الشعب يريد

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الخميس 27 أكتوبر 2011 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

لا يمكنك أن تختزل الدعوة إلى اكتتاب عام لتأسيس قناة فضائية فى مجرد محاولة مجموعة من الإعلاميين أو الكتاب إضافة رقم جديد إلى أرقام القنوات التى تملأ الفضاء الإعلامى خصوصا فى مصر، المسألة أكبر وربما أعمق من كل ذلك، لا أحدثك عن ذلك باعتبارى واحدا من المجموعة التى تدعو لهذا المشروع، ولكن باعتبارى كاتبا إلى جانب أنه يملك المعلومات الكافية عن المشروع وأهدافه، يعرف أن للمجتمع حقا فى أن يعرف ويفهم ويطمئن.

 

من البداية نح السياسة جانبا، فالمقصود هو عمل مهنى احترافى «إداريا وقانونيا واستثماريا وإعلاميا» غير موجه ضد أحد، وليس مقصودا منه أى شكل من أشكال النضال «الحناجرى»، أو التصعيد السياسى ضد أى طرف، لكنها محاولة لخلق نمط ملكية جديد فى الإعلام، تمتلكه أنت وأنا وكل مصرى متحمس للفكرة، هذا لا يمثل بالضرورة إدانة مطلقة لأنماط الملكية الأخرى، التى لها ما لها وعليها ما عليها، لكنه محاولة لكسر احتكار حقيقى وحاصل يجعل ملكية الإعلام قصرا على الدولة، أو أصحاب رءوس الأموال الكبيرة بكل مصالحهم المتشعبة والتى تؤثر بين حين وآخر على الرسالة الإعلامية وتخرجها من سياق الاستقلال المفترض، من حقك إذن كمواطن أن تملك وسائل الإعلام عبر أسهم تدفعها وفق قواعد قانونية تحمى حقوقك مثلما من حق كل صاحب رأس مال أن يؤسس إعلاما ويشترى آخر.

 

أيضا تحاول المجموعة المؤسسة تقديم نموذج مهنى جديد ومحترف، وتعتقد أنها تملك من الكفاءات سواء فى صناعة الإعلام أو الإدارة أو القانون والاستثمار ما يمكنها من ذلك، لا تسعى لإنشاء «وقف» يموله المواطنون، لكن شركة تبنى استثمارات تدر عوائد من جهة، وتصنع رسالة إعلامية محترفة ومهنية من جهة أخرى غير منحازة ولا خاضعة لسلطة أو استقطاب سياسى، لا تقدم آراء لكنها تقدم معلومات، تهتم بالمواطن ولا تقصر أداءها على النخب.

 

وإذا كان هناك تأثير سياسى لهذه الخطوة فالأرجح أنه تأثير حميد، حيث يعيد للمجتمع المصرى ثقافة الاكتتاب والتشارك، وهى ميزة لا أعتقد أن أحدا يستهجنها أو يرفضها، وقد تكون بداية لاكتتابات متعددة ومتنوعة فى مجالات مختلفة، وهى شكل من أشكال التعبير الحقيقى عن إرادة الشعب، ويضع الدولة فى امتحان من مصلحتها تجاوزها، فى دعم الإعلام المملوك للشعب، مثلما تدعم إعلام أصحاب الأموال والمستثمر الواحد.

 

لا يمكن أن تتجاهل خطورة الإعلام فى هذا الوقت، وبالتالى لا يمكن أن تعترض على محاولات خلق نماذج مهنية جديدة سواء فى الممارسة أو أنماط الملكية، لأن هذا التنوع وحده هو الذى يحمى المجتمع وهذا وحده سبب كاف لتكون متحمسا لدعم هذا المشروع أو مشروعات أخرى، تذكرك بنموذج طلعت حرب الذى أسس الصناعة الوطنية بجميع أطيافها، ربما لهذا الغرض اختار المؤسسون بنك مصر كوعاء لتنفيذ أعمال الاكتتاب بكل دلالته الرمزية فى المسيرة الوطنية.

 

الإعلام الحر يعنى وطنا حرا.. لكننا نبحث عن حرية المعلومات والتدقيق والتوازن وتمثيل كل الأطراف، حرية لا تحتكرها سلطة ولا يجملها رأس مال.. هو مجرد اجتهاد من أجلك ومن أجلك أنت فقط.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved