لن يكون هناك دولة فلسطينية
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 27 أكتوبر 2021 - 8:00 م
بتوقيت القاهرة
فى كل ما له علاقة بالاحتلال ليس مهما مَن هى الحكومة التى تحكم إسرائيل. فهو فى جميع الأحوال مستمر. استمر مع رابين، ومع بيرس، ومع شامير، ومع نتنياهو، واستمر مع باراك، ويستمر مع بينت ــ لبيد. الاحتلال مستمر من دون علاقة بهوية الحكومة وناخبيها والمرشحين لرئاستها. وهو مستمر عندما يتولى رئاستها رئيس حكومة يعلن أنه يرغب فى السلام مع الشعب الفلسطينى، وعندما يكون هناك رئيس حكومة يعلن على رءوس الأشهاد أنه سيمنع قيام دولة فلسطينية بأى ثمن.
ويجب أن ننتبه هنا إلى أن تصنيف الحكومة منظمات من المجتمع المدنى فى الضفة الغربية بأنها منظمات إرهابية يتطابق مع مخططاتها للبناء فى [المستوطنات] فى الضفة الغربية، وهو ما يؤكد اغتيال خيار الدولتين الذى يُعتبر بحكم الميت تلقائيا، ومع إعلان نفتالى بينت أنه لن يُجرى مفاوضات مع الجانب الفلسطينى، ولن يكون هناك دولة فلسطينية.
الاحتلال والمستوطنات والأبرتهايد هى سياسات كل الحكومات خلال الـ54 عاما الأخيرة، ولا مفر من التوصل إلى هذه الخلاصة: إنها سياسة إسرائيل. أما بالنسبة إلى شعب إسرائيل، فإن المعارضين للاحتلال هم أقلية تزداد قلة ولا تملك أية قوة سياسية. لكن من المهم الاستمرار فى محاربة الاحتلال. هذا واجب أخلاقى. ومن المهم الآن أن نصرخ ضد الخطوة التى يقودها بنى غانتس ضد منظمات المجتمع المدنى الفلسطينى فى الضفة والعمل على إلغائها. لكن يجب أن نرى أيضا الصورة الكبرى: الاحتلال نجح، المشروع الاستيطانى نجح، الأبرتهايد نجح. هذه حقائق لا عودة عنها. لن يكون هناك دولة فلسطينية، ونقطة على السطر.
ما الذى سيحدث هنا؟ فى الوقت الحالى هذا ليس معروفا. ربما دولة ثنائية القومية، ربما اتحاد أو كونفدرالية. فى جميع هذه النماذج استمرار الأبرتهايد والسيطرة الاستعمارية العنيفة على شعب آخر هو الخيار المهيمن. من الواضح أنه ليس للجمهور الإسرائيلى، الذى اختار الاحتلال ويحرص على اختيار حكومات تواصل الاحتلال، أى حافز أو مصلحة لإنهاء الاحتلال، لا أيديولوجية، ولا اقتصادية، ولا أخلاقية، ولا عملية. ولأن إسرائيل باتت خبيرة فى الاحتلال، من غير المنتظر أن يبرز مثل هذا الحافز من جانب الشعب الفلسطينى على صورة ثورة شعبية ضد الاحتلال. الشعب الفلسطينى هُزم فى بعض المرات بيديه، وفى كثير من المرات على يد إسرائيل. لكن فى الخلاصة هو غير قادر على هزيمة الاحتلال. وبالتالى لن يقوم بانتفاضة دموية أُخرى يمكن أن تؤلم مواطنات ومواطنى إسرائيل الذين يعتبرون الاحتلال محقا، ويفرضه الواقع، وضرورة للبقاء.
ليس لدى الشعب الفلسطينى أية وسيلة لإقناع المحتل بالتراجع. لا بالقوة ولا بغير القوة. هذا الأمر يمكن أن يقوم به العالم، الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين. لكن هل سيتّحد العالم فعلا من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلى؟ كلا، ليس فى الوقت الحاضر. إسرائيل دولة قوية جدا، ولديها علاقات أمنية واستخباراتية واقتصادية غنية وعميقة مع كل الدول القادرة على إجبارها على تحرير الشعب الفلسطينى، أو على الأقل على دفع مواطنيها إلى التفكير جديا فى جدوى الاحتلال. توجد فى الولايات المتحدة وأوروبا تيارات سياسية مهمة مصرّة على إنهاء الاحتلال، لكنها حاليا أضعف من أن تؤثر فى الواقع.
لذلك أيضا عندما تقوم دولة ثنائية القومية أو كونفدرالية ما الذى لا يتغير: الأبرتهايد والاستعمار من المنتظر أن يستمرا. هذه توقعات معقولة ورصينة ويجب أن ننظر إليها مباشرة. بالإضافة إلى مواصلة محاربة الاحتلال، يجب أن نعترف بفشل هذه المحاربة الحالى والمستقبلى. هذا مؤلم جدا ويدعو إلى اليأس. وهو يجعل النضال ضد بنيامين نتنياهو باسم الدفاع عن «الديمقراطية» سخيفا أحيانا. لكن هذا هو الوضع.
روغيل ألفر
هاآرتس
محلل سياسى
مؤسسة الدراسات الفلسطينية