باريس تستضيف داعمى لبنان ومدرجيه على قائمة FATF الرماديّة!
مواقع عربية
آخر تحديث:
الأحد 27 أكتوبر 2024 - 6:50 م
بتوقيت القاهرة
بينما انعقد يوم الخميس فى 24 أكتوبر فى العاصمة الفرنسية باريس مؤتمرا دعما للبنان، تضمّن مساعدات بقيمة مليار يورو، منها 800 مليون يورو كمساعدات إنسانية و200 مليون يورو دعما للجيش، شهدت العاصمة الفرنسية أيضا يوم الجمعة فى 25 أكتوبر 2024 الجلسة العامة لمجموعة العمل المالى التى أدرجت لبنان على القائمة الرمادية.
أعلنت مجموعة العمل المالى، الهيئة الحكومية الدولية لمراقبة غسيل الأموال، فى جلستها العامة فى باريس يوم الجمعة، عن إدراج لبنان فى القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالى (Financial Action Task Force FATF)، رغم طلبات المسئولين اللبنانيين للتساهل ومحاولات حاكم البنك المركزى بالإنابة وسيم منصورى لتجنّب هذا التصنيف.
يأتى هذا الإدراج فى ظلّ الأزمات المتلاحقة التى يعانى منها لبنان، بدءا من الأزمة الاقتصادية التى انكشفت فى تشرين الأول 2019، وما تبعها من انهيار لسعر صرف العملة الوطنية وانهيار القطاع المصرفى وما ترتّب عنه من حرمان المودعين من أموالهم.
وآخر الأزمات وأكثرها ثقلًا هى العدوان الإسرائيلى على البلاد الذى بدأ فى أكتوبر 2023، بعد عملية «7 أكتوبر» ودخول لبنان كـ«جبهة إسناد»، وصولاً إلى توسّع العمليات الإسرائيلية وبدء الحرب الإسرائيلية على لبنان فى سبتمبر 2024.
• • •
هذا الإدراج يفرض تحديات كبيرة على الاستقرار الاقتصادى والعلاقات الدولية للبنان، ومن المرجح أن تكون رادعا إضافيا للاستثمار فى البلاد، وتأتى لتزيد الأعباء والضغط على لبنان.
على الرغم من أن القائمة الرمادية أقل حدة من السوداء، إلا أنها قد تؤدى إلى تقليل الاستثمار وقد تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين من خلال تقليل الفرص الاقتصادية والوصول إلى الخدمات الأساسية.
على الرغم من جهود حاكم المصرف المركزى بالإنابة، وسيم منصورى، لتجنب هذا التقييم، بما فى ذلك تعاونه مع القضاء الفرنسى والقضاء اللبنانى، إلى حدّ ما، وتوقيف القضاء اللبنانى رياض سلامة، لكن ذلك لم يكن كافيا لتجنب الإدراج.
بين القيود الأمريكية والإيرانية والحسابات الطائفية: أى دور للجيش اللبنانى؟
ماذا يعنى أن يكون لبنان على القائمة الرمادية؟
يعنى أن الدولة لا تلتزم بالكامل بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بناءً على توصيات مجموعة العمل المالى الدولية المعترف بها عالميا. لكن الإدراج فى القائمة الرمادية يعنى أيضا أن الدولة تعمل مع FATF لمعالجة أوجه القصور فى أنظمتها المالية.
خلافا للقائمة السوداء التى تشمل الدول ذات الخلل الكبير فى الالتزام وعدم التعاون معFATF، فإن الدول المدرجة فى القائمة الرمادية تبذل جهودا لإصلاح أطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الخاصة بها.
قد تكون للإدراج فى القائمة الرمادية تأثيرات كبيرة على الدولة والمواطنين، من أبرزها:
تقليل الاستثمار الأجنبى المباشر (Direct Foreign Investment) والمعاملات المالية عبر الحدود، ما يؤثر سلبا على الاقتصاد.
تضرر سمعة الدولة، ما يجعلها أقل جاذبية للأعمال والتجارة الدولية ويردع الشركات العالمية عن الاستثمار فيها.
ارتفاع تكاليف الامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال، ما يزيد من الأعباء المالية على المؤسسات.
انخفاض المساعدة والدعم المالى الدولى، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة للبنان فى ظل الظروف الحالية، لاعتماده على مساعدات دولية فى مواجهة تأثيرات العدوان الإسرائيلى.
زيادة الرقابة المالية والتنظيم من الهيئات الدولية، ما يفرض ضغوطا إضافية على النظام المالى.
أما بالنسبة إلى تأثيرات ذلك على المواطنين العاديين، فتشمل:
فقدان الوظائف وتقليل الفرص الاقتصادية بسبب التراجع الاقتصادى الناتج من انخفاض الاستثمار وتدفقات رأس المال.
قيود على الوصول إلى الخدمات المالية الدولية، ما يجعل إجراء المعاملات الدولية أو فتح حسابات فى البنوك الأجنبية أكثر صعوبة.
تقليل إيرادات الحكومة، ما قد يؤدى إلى تخفيضات فى الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم. ونظرا إلى الوضع المالى والاقتصادى للبنان منذ نهاية عام 2019، فإن موارد الحكومة وخدماتها محدودة جدا.
• • •
تتضمن مجموعة العمل المالى الدولية 40 توصية تُعتبر المعايير المعتمدة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتُقيَّم الدول بناءً عليها. تعتمد عملية التقييم على معيارين أساسيين:
الامتثال الفنى أوtechnical compliance، بحسب موقعFATF، ينظر فى ما إذا كانت الدولة تمتلك جميع القوانين واللوائح والأدوات القانونية اللازمة، بما يتماشى مع المتطلبات الفنية لتوصيات FATF الأربعين.
الفعالية أو الـeffectiveness، بحيث يجب على الدولة أن تثبت أن لديها إطارا فعالاً لحماية النظام المالى من الاستغلال فى سياق المخاطر التى تواجهها. يتم تقييم 11 مجالاً رئيسيا لتحديد مستوى فعالية جهود الدولة.
استنادا إلى ما تقدّم، وفى ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان، لا بدّ من التساؤل، ألم تكفِ خطوات لبنان المتعدّدة لتجنّب هذا التصنيف والتساهل معه؟
هلا نهاد نصرالدين
موقع درج
النص الأصلي: