حكايات أمنا الغولة
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 27 ديسمبر 2011 - 8:55 ص
بتوقيت القاهرة
ذكرتنى تحذيرات المجلس العسكرى من مخطط سرى لإثارة الشغب والفوضى لإسقاط الدولة عبر مظاهرات يتم الإعداد لها من «الطرف الثالث» لتندلع يوم 25 يناير القادم، بحكايات «أمنا الغولة» و «أبو رجل مسلوخة» و«أودة الفيران» التى كانت تشعرنا بالرعب ونحن أطفال، ثم أصبحت مادة للتندر والسخرية عندما كبرنا.. نفس الوهم، وذات الأساطير تتكرر فى الحالتين، والفارق الوحيد ،الذى لا يدركه المجلس، أن الشعب لم يعد يشعر بالخوف من هذه الحكايات القديمة.
لم يعد سرا أبدا، أن هناك عملاء مندسين وسط ثوار التحرير، منهم بلطجية تحركهم حكومة طرة وبقايا رجال مبارك فى أجهزة الأمن، ومنهم عناصر تنفذ أجندات أجنبية وتتلقى أموالا من الخارج، ومنهم من يتبع لأجهزة مخابرات مصرية وخارجية، وهم كلهم يلعبون دورا خطيرا فى تصعيد أحداث العنف، وكل هذا يمكن فهمه، لكن ما لا يمكن فهمه أو قبوله هو أن يتورط الجيش، ويورط البلد كلها معه، فى خوض حرب شوارع ضد كل معتصمى التحرير وقصر العينى وأن يسحل المتظاهرات بمنتهى القسوة، دون أن يفرق بين الثوار الحقيقيين وبين المندسين وسطهم!
والحقيقة أن المجلس الذى يريد أن يخيفنا من «يوم قيامة» سيندلع فى الذكرى الثانية للثورة، هو المسئول الوحيد عن وصولنا إلى هذا الوضع، بتباطؤه فى تنفيذ أهداف الثورة وأهمها الإسراع بمحاكمة مبارك والمتهمين بقتل الثوار، وإعادة هيكلة وزراة الداخلية وتوزيع الثروة القومية بعدالة.
ما لم يدركه المجلس حتى الآن، أن ثورة 25 يناير ليست «انقلاب قصر» يكتفى بإزاحة مبارك عن السلطة، لتستمر نفس سياساته ببعض التعديلات أو الإصلاحات، فجوهر ثورة يناير يستهدف فى الأساس إسقاط سلطة مبارك بكامل هيئتها وبكل توجهاتها الاجتماعية والطبقية، وإقامة سلطة جديدة تلبى مطالب ملايين المصريين الذين تعرضوا للذل والفقر والإقصاء والتهميش طوال سنوات حكم السادات ومبارك.
وأتصور أن المظاهرات التى تعتزم قوى الثورة تنظيمها فى ذكرى الثورة ليست هى الخطر الحقيقى كما يرى المجلس العسكرى، ولكن الخطر الفعلى هو تجاهله لإثارة العنف الذى تورط فيه الجيش فى مواجهات المولوتوف والحجارة والرصاص مع الموجودين فى ميدان التحرير، فالمؤكد أن موجات العنف ستستمر ــ بدون أسطورة الطرف الثالث ــ إذا لم تتفق كل القوى السياسية على برنامج إنقاذ وطنى يحقق كل أهداف الثورة، ويمد الجسور بين الثوار فى الميدان، والقوى السياسية فى البرلمان..حتى يتجنب المجلس العسكرى فوضى عارمة، هو نفسه يرى أن إشاراتها تلوح فى الأفق!