يحدث الآن في مصر
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 28 يناير 2022 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
لولا تلك الضجة المفتعلة والقيامة التى قامت قبل موعدها لما خطر ببالى للحظة أننى سأعلق على الفيلم الذى حصل على أكبر حملة ترويجية له بلا مقابل «أصحاب ولا أعز»، ما همنى بالفعل هو ذلك الإعلان الواضح الصريح عن ما يعانيه المصريون من خلل نفسى يسهل تشخيصه ورصد مفرداته فى تلك المساحة الشاسعة من الفراغ الذى انزلق إليه الجميع.
حرصت على مشاهدة الفيلم فى نسخته العربية بينما أتيح لى أن أشاهد أيضا نسخته الفرنسية على منصة نتفليكس فكان التطابق مذهلا فلا تمصير أو تعريب إنما اللغة فقط. الفارق الوحيد جاء فى تلك اللقطة التى تلقت الهجوم الكاسح: كانت بلا شك أكثر جرأة فى النسخة الفرنسية. الفيلم لا ناقة لنا فيه ولا جمل ولا ذكر لمصر أو المصريين إلا رائحة «تقلية الملوخية بالأنارب» فعلام كل تلك الضجة والزوبعة التى كسرت الفنجان!..
فكرة الفيلم جيدة وإن كانت سوداوية لكنها تعكس واقعا يعيشه العالم كله ربما لهذا اهتم الجميع بنسخها كانت نسختنا التاسعة عشرة فى الترتيب ومن يدرى ربما خلفتها نسخة كورية أو سعودية!
العالم كله فى الهم سواء: الهواتف الخلوية ووسائل التواصل الاجتماعى فى أشكالها المختلفة ومسمياتها حلت محل وسائل التواصل الإنسانية البشرية ليصبح لكل إنسان عالم خفى مظلم يعيش فيه «خسوفه» بينما يطل على العالم بملامح لها من القمر بهاؤه.
نظرية المؤامرة والرسائل التى تحاول منصة نتفليكس تصديرها لنا والهجمة العنترية التى تولاها أولو الأمر والنهى فينا لا تعكس إلا ضحالة فى الفكر وثقافة محدودة فالعالم الآن مفتوح لكل الأفكار وعلينا أن نعد أنفسنا لنحسن اختيار ما نعتقده أو نؤمن به عن قناعة.
ذات المنصة لها مواقف شجاعة وللمرة الأولى أتابع فيها عروضا كثيرة منصفة لقضايانا ربما لم نحسن نحن عرضها إلى جانب أفلام وبرامج وثائقية ثقافية وعلمية يندر حيادها وصدقها.
المثلية الجنسية أمر معروف فى كل الثقافات بلا استثناء: تقبله أو ترفضه هذا أمر يخصك وحدك متعلق بمعتقداتك وثقافتك ومجتمعك وكيف نشأت وحتى لا يطالنى اتهام فأنا شخصيا لا أقبله وأرى أن فيه بذور نهاية البشرية على الأرض وأنه أمر مغاير للفطرة السليمة للإنسان لكنى أكره الجدل العقيم وأحرص على ألا تنزلق قدمى إلى مستنقع آسن لدى قناعاتى وتلك قضية لا تناقش فى العلن ولا يجدى الترويج لها بأى صورة فى تغيير رأى من هم على ثبات مواقفهم المبدئية.
هل بلغ بنا الأمر أن يتفرغ السادة نواب الشعب فى مجلسه الموقر لإبداء الرأى فى الفيلم والمطالبة بمقاطعة نتفليكس؟
هل يعقل أن يحاسب المصريون السيدة منى زكى الإنسانة والزوجة والأم على إجادة منى زكى الفنانة لدور والتزامها بسيناريو؟ مهنتها التمثيل وقد اختارت أن تلعب هنا الدور فلماذا الخلط؟
أفتقد كثيرا عالم الاقتصاد الاجتماعى الأشهر جلال أمين وسؤاله ماذا حدث للمصريين؟
أعانى من تلك المرارة التى اعتاد أن يغمس فيها قلمه وهو يكتب عن ظواهر نفسية واجتماعية تعكس مظاهر ازدواج فى الشخصية المصرية تعوقها عن الالتفات إلى المشاكل الحقيقية التى يعانيها الناس وضرورة حلها لتستمر الحياة فى تطورها الطبيعى.
هل يهرب العقل المصرى من مواجهة مشاكل المجتمع الحقيقية لأنه لا يقوى على مناقشتها أو إيجاد حلول لها بأن يخترع مشكلات وهمية يدور فى فلكها ويغرق فى تفاصيلها؟
لمن يوجه الاتهام اليوم؟
من هو الفاعل ومن هو المفعول به؟
متى يستعيد الشارع المصرى أمانه النفسى وعقله الواعى ويعود إلى رشده فتعاوده عافيته النفسية؟
هل لدى علماء الاجتماع وأطباء الصحة النفسية إجابة أو تعليق على ما يحدث الآن فى مصر؟