مصر الجديدة ( 3)

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 28 فبراير 2011 - 9:03 ص بتوقيت القاهرة

 بعد مرور شهر على ثورة 25 يناير، يتساءل الناس عن اسباب استمرار حالة عدم الاستقرار التى نعيشها، ويتوجسون من محاولات الالتفاف على أهداف الثورة و«تمييعها»، يبحثون ومعهم كل الحق عن إجابات لهذه الأسئلة:

ماهى المعضلة فى أن يتم تشكيل مجلس رئاسى يتكون من ثلاثة من المدنيين إضافة إلى رئيس المجلس العسكرى لإدارة المرحلة الانتقالية، ألا يؤدى الأخذ بهذا الرأى إلى تخفيف العبء عن كاهل قواتنا المسلحة، ومساعدتها فى إدارة شئون البلاد لتتفرغ هى إلى مهامها الأكبر، خصوصا مع القلاقل التى تشهدها الحدود مع ليبيا والسودان وإسرائيل.

لماذا الإصرار على أن تكون المرحلة الانتقالية 6 أشهر فقط، تجرى خلالها انتخابات مجلسى الشعب والشورى، وهى فترة لاتكفى لأن تعيد الأحزاب القديمة ترتيب أوراقها، فضلا عن بلورة أحزاب معبرة عن قوى الثورة الشابة، والنقابات العمالية والمهنية التى تم إخراسها وتشميعها وتدجينها على مدى ثلاثة عقود من القهر الممنهج، لماذا لانستجيب للآراء التى تطالب بمد الفترة الانتقالية لمدة عام أو 18 شهرا ينظمها إعلان دستورى تمهيدا لإقرار دستور جديد تضعه جمعية تأسيسية، كى تتاح فرصة متساوية لكل القوى السياسية فى الانتخابات المقبلة.

لماذا الإصرار على تغييب الأمن بزعم انعدام الثقة بين الناس والشرطة، ما الذى فعله وزير الداخلية الجديد لاستعادة هذه الثقة المفقودة، لماذا نفتقد رسائل الطمأنة التى تؤكد لنا أن عهدا جديدا قد بدأ، وأن الشرطة ستكون من الآن فصاعدا فى خدمة الشعب لافى خدمة النظام.
لماذا يحاكم من أفسدوا حياتنا السياسية ونهبوا أموالنا أمام دوائر المحاكم العادية، لماذا لاتشكل محاكم خاصة يرأسها قضاة ثقاة يكون الحكم فيها من درجة واحدة، فنحن نعرف أن إطالة أمد التقاضى يمنح هؤلاء فرصة للتلاعب بأدلة الإدانة و«فرم» ماتحت أياديهم من مستندات، فضلا عن إصابة الضحايا ـ 80 مليون مصرى ـ بالإحباط والغضب.

لماذا لم يتم الإعلان عن المحرضين على قتل شهداء الثورة ومدبرى موقعة الجمل، خصوصا وأن عددا من البلطجية الذين شاركوا فى الموقعة ألقى القبض عليهم، فهل عجزت أجهزة التحقيق عن انتزاع اعترافات منهم بعد شهر من الجريمة، وهى التى اشتهرت بإجبار أبرياء على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها.

أعرف أن كل الثورات المصرية لم تحقق أهدافها كاملة، لاعرابى جلب لنا دستورا، ولاسعد زغلول أجلى الإنجليز، ولا عبد الناصر أقام حياة ديمقراطية سليمة، لكن 25 يناير ليست كسابقاتها، هذه ثورة شعبية حقيقية، ليست انقلابا عسكريا ولاحركة احتجاج عنيف، ولابديل عن الاستجابة لكل مطالبها، وجميعها مشروعة وعادلة، واستمرار تجاهلها يعنى ببساطة أن الثورة مستمرة.

ثورة الشعب من روح الله، والله يأبى إلا أن يتم نوره.

اللهم جنب بلدنا عواقب سوء النية.. وسوء الفهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved