من أين يبدأ إصلاح الرياضة المصرية ؟ (1)
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الإثنين 28 فبراير 2011 - 9:19 ص
بتوقيت القاهرة
الانتهازيــــون فــــى الثـــــورات مثــــــــل أغنيــــــاء الحـــــــــرب.. والمطالبة بإلغاء الهبوط فى الدورى انتهازيةالانتهازيون فى الثورات هم مثل أغنياء الحروب.. فما يجرى فى عشرات المواقع بمصر من بلطجة وعنف، وترويع للناس، يعد انتهازية، ويصيب المصريين بالفزع، وبدون الأمن، سوف تخسر مصر الكثير من ثورتها.. ولا أمن بدون شرطة، تحترم كرامة المواطن، ولا أمن أيضا بدون احترام المواطن للشرطة.. وتلك مسألة فى غاية الأهمية، لأن مشاهد البلطجة باتت مفزعة.. ومنها ما جرى فى مقر نادى الاتحاد السكندرى من اعتداءات، وضرب، وعنف..
●●من الانتهازية الآن ما يتردد عن إلغاء الهبوط فى الدورى الممتاز هذا الموسم. ولا أعلم هل تستأنف المسابقة أم لا. لكن مجرد طرح فكرة عدم الهبوط بسبب الثورة، هو مظهر من مظاهر الانتهازية واستغلال ظرف طارئ لتحقيق مكسب، بشعار: «الأنامالية».. وهو أحد أسوأ الشعارات فى الثلاثين عاما الماضية، لأنه قتل روح الفريق، وروح الجماعة، وروح التعاون فى كل موقع عمل وإنتاج.
●● الثورات تقوم من أجل الحرية والكرامة، والعدالة والمساواة والديمقراطية والإصلاح.. وأسوأ إصلاح يكون وقت الانكسار والأزمات أو مدفوعا بأزمة. وأفضله يكون فى وقت النجاح وفى لحظات الانتصار، فكل حضارة هى تقليد يتجدد فى ضوء اختبار الحاضر، ولا يمكن أن يتحقق أى إصلاح بدون أن نعرف حاضرنا وواقعنا وما نحن فيه بلا كذب أو نفاق أو تجميل.. ومصر فى تلك الأيام الصعبة، تعيش على الرغم من ذلك مرحلة نجاح ثورة.. وهى فرصة صحية للإصلاح فى كل موقع. ومن أهم المواقع حقول الرياضة وملاعبها وهيئاتها واتحاداتها. ومن أهم بدايات الإصلاح الرياضى حتمية التعامل مع نشاط كرة القدم على أنه مشروع اقتصادى، وهو يمارس الآن بمال عام فى معظم الأندية، فكيف تمنح أندية مفلسة ملايين الجنيهات للاعبين ومدربين وإداريين.. كيف توزع الأرباح على عمال شركات خاسرة؟.. هذا المنطق لابد أن ينتهى وأن يحارب.. ولعل ذلك يدفع الأندية مستقبلا إلى العمل بالمنطق الاقتصادى، فتتوقف المزايدات على لاعبين لا يلعبون، وتدفع لهم الرواتب من الأموال العامة التى يملكها فى الأصل أعضاء الأندية والدولة.
●● كذلك هناك أمر يحتاج إلى سرعة تدخل بالدراسة والبحث، لأنه سوف يهدم مسابقة الدورى من أساسها، وإذا كان من المتعذر عودتها هذا الموسم قد يكون ضروريا البحث فورا عن إجابة للسؤال التالى: ما هو الموقف من أندية الشركات والمؤسسات، مثل أندية البترول، والشرطة، والقوات المسلحة، ومصر المقاصة، من الناحية القانونية التى تتوافق مع تعليمات الفيفا، وهل تنطبق عليها المادة 18.. وهل لكل منها مجلس إدارة مستقل ماديا عن الوزارات والشركات التابعة لها؟ وهل تستمر هذه الأندية حتى لو كانت مشهرة بشكل قانونى أم الأفضل أن تندمج فى أندية جماهيرية تمثل محافظات تعانى فرقها ماديا. فمثلا يندمج بتروجيت فى فريق السويس، ويكون ممثلا للمحافظة.. ويندمج حرس الحدود فى الاتحاد السكندرى.. والشرطة فى مصر المقاصة، والاتصالات فى وادى دجلة. وغير ذلك ووفقا لقواعد دورى المحترفين، حين تتحول أنشطة كرة القدم إلى شركات مساهمة، فتكون أصول أندية الهيئات سواء الاستادات والملاعب واللاعبين جزءا من القيمة المادية.. وهنا نصل إلى سؤال مهم أيضا: كيف يكون شكل المسابقة فى الموسم القادم أو ما بعد القادم؟!
●● من مظاهر الفساد الرياضى بعض هؤلاء الذين يمارسون العمل التطوعى ويربحون منه.. وهناك اتهامات خطيرة تتردد وتستوجب التحقيق، ولعل أسوأها وأخطرها بيع أبطال يمثلون مصر ميدالياتهم فى بطولات عالمية بمبالغ تتراوح بين 20 ألف دولار و50 ألفا، والبيع يقصد به تعمد الخسارة أمام منافسين والتفريط فى مراكز متقدمة.. وتلك قصة تقودنا إلى بدء عصر تطهير الرياضة من أصحاب الذمم الخربة الذين يجنون أرباحا من الممارسات الإدارية والفنية والتطوعية.
إن أولى خطوات الإصلاح الرياضى تبدأ بتطهير هذا الوسط من المنتفعين، والمتاجرين بالعمل التطوعى.. ثم يلغى كل استثناء، ثم نفكر بجدية وبعلم كيف نصلح أحوال الرياضة فى مصر.. وكيف نرى النشاط الرياضى.. هل هو مشروع اقتصادى وسلعة ومنتج يباع لجماهير المشاهدين كما فى العالم كله الآن أم سيبقى مشروعا اجتماعيا فقط فى عالمنا؟، وهل المشكلة فى القوانين واللوائح التى نملك منها الكثير أم انها فى بعض الأشخاص الذين يديرون هذا النشاط؟!
هذا كله يستحق أن يطرح وأن يناقش فى الأيام المقبلة.