إعلام الصحة فى بر مصر
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
السبت 28 فبراير 2015 - 12:35 م
بتوقيت القاهرة
م يسلم إعلام الصحة فى مصر من تلك الأعراض التى انتابت الإعلام المصرى بصورة عامة فى السنوات القليلة الماضية. الإثارة والصخب والهجوم الدائم وغياب الموضوعية وتلوين الوقائع واستهداف البعض والنبرة العالية ودوامات الكلام التى لا تنتهى ولا تتوقف حتى تطبق على أنفاس القارئ والمستمع والمشاهد. انسحبت صورة الإعلام الهادف الذى يخاطب الأسرة المصرية بلغتها وثقافتها وواقعها لتحل محلها تلك الصورة فاقعة الألوان المثيرة للأعصاب الباعثة على الاكتئاب المنحازة للهدم دون البناء.
اعتقدت دائما أن من يتصدى للعمل فى مجال إعلام الصحة إنما هو إنسان صاحب رسالة لا تقل أهمية أو إنسانية عن تلك التى يتبناها الطبيب.
إعلام الصحة إما خبرا أو موضوعا للتوعية بخطورة قضية صحية ويجب فى كليهما أن تكون الكلمة للعلم وأن تراعى أخلاقيات المهنة حتى تصل الرسالة إلى القارئ أو المشاهد فى صيغة محترمة لتؤدى الغرض منها.
الصورة التى نشرت سابقا فى إحدى الصحف للأطفال المصابين بمرض جوشر، والتى علقت عليها فى الأسبوع الماضى قضية يكسبها محام مدافع عن حقوق الإنسان من الجولة الأولى فى بلاد تحترم بالفعل حقوق الإنسان. أنا لا أشك فى نوايا الصحفى الذى أثار القضية بتلك الصورة مستخدما أسماء الأطفال وأسرهم وتفاصيل ووقائع حياتهم لكنى أتمنى لو راجعه رئيس تحريره. قد تكون الإثارة الصحفية مطلوبة فى أخبار المجتمع أو موضوعات صفحات الحوادث لكن لا مكان لها فى الكتابة العلمية.
للكتابة العلمية أصول وقواعد ومناهج تدرس فى معاهد متخصصة بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية. من يرغب فى العمل فى مجال الكتابة العلمية يجب أن يحمل خلفية علمية كأن يكون خريج إحدى الكليات العلمية قبل أن يتقدم للجامعات التى تتيح برامج متخصصة يمكن أن يختار من بينها ما يؤهله للعمل فى هذا المجال. تضم تلك البرامج مقررات متخصصة، منها اللغة والترجمة ومهارات الاختزال فى الكتابة ثم إتقان تبسيط الحقاق العلمية والكتابة بطرق مختلفة ثم النقد والمعلومات العلمية العامة وعرض الكتب العلمية وغيرها من المعارف التى معها تتشكل شخصية الدارس فى الكتابة وتتضح قدراته فى التعبير وتناول الموضوعات التى يتفوق فى عرضها.
قد أكون قد جنحت إلى صورة مثالية يصعب على الواقع المصرى استيعابها حاليا لكن ترانى لو اقترحت على القائمين على شئون كلية الإعلام أن تتبنى الكلية برنامجا علميا بالصورة التى تناسب إمكانات الكلية لتدريس أساسيات ومبادئ الكتابة العلمية أكون قد جنحت للمرة الثانية؟