صورة «المملكة» فى هوليوود
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 28 مارس 2015 - 12:00 م
بتوقيت القاهرة
رجا ساير المطيرى
بعد ثلاثة أعوام فقط من قرار وقف تصدير النفط السعودى للولايات المتحدة الأمريكية، ظهر فيلم أمريكى يعزف على هذا الوتر ويهاجم الحضور الاقتصادى لرجال الأعمال السعوديين، محذرا من نفوذهم المتزايد، وذلك عبر حكاية تدور أحداثها داخل شبكة تلفزيونية تنتج برنامجا «ثوريا» ينتقد فيه المذيع تضخم رأس المال السعودى وتغلغله فى مفاصل الحياة الأمريكية.
الفيلم يحمل عنوان «الشبكة ــ Network» وقد نال أربعة أوسكارات عام 1976 من بين عشرة ترشيحات تلقاها، وهو أهم أفلام المخرج الكبير سيدنى لوميت ومن أفضل الأفلام التى أنتجت فى عقد السبعينيات، ومع أن قصته تتجاوز العلاقة السعودية الأمريكية إلى قضية أشمل وأعمق تتعلق بالإعلام الأمريكى ومدى استقلاليته أمام قوة المال ونفوذ رجال الأعمال، إلا أن حضور اسم «المملكة» فى الفيلم كان مرسخا وبارزا ويعزز من الصورة النمطية السلبية السائدة.
لقد غرس الفيلم فى وجدان المواطن الأمريكى البسيط أن رجل الأعمال السعودى ليس إلا محتالا ينوى الاستيلاء على أمواله، صورةٌ سلبية سيكون لها صدى أوسع فى التغطيات الإخبارية للشبكات التلفزيونية المناوئة للمملكة فى الداخل الأمريكى، التى تصور السعودى على أنه مترف يصرف أمواله ببذخ على متعه الحسيّة ولا يكترث إلا لزيادة رصيده على حساب العامل الأمريكى الفقير.
حتى عام 1991، لم تخرج صورة المملكة فى السينما عن هذا الإطار الاقتصادى، إذا استثنينا بعض الأفلام التى تناولت قصصا من ماضى الجزيرة العربية مثل «لورانس العرب» 1962 و«الرسالة» 1977، وعدا ذلك فإن المواطن الأمريكى لا يعرف عن نظيره السعودى سوى أنه ثرى يصرف أمواله بلا وعى.
حتى جاء العام 1991 بعملية «عاصفة الصحراء» التى شارك فيها الجيش الأمريكى إلى جانب جيوش العالم لتحرير الكويت من الغزو العراقى الغاشم، حينها تطور الحضور السعودى فى السينما الأمريكية ليصبح مرتبطا بالأفلام السياسية الحربية.
وكان أهم ظهور فى هذا الاتجاه فيلم Courage Under Fire عام 1996 من بطولة دينزل واشنطن وميج رايان ثم فيلم Three Kings للنجم جورج كلونى الذى ظهر عام 1999، وقد اقتصر حضور اسم «المملكة» هنا فى الجانب الجغرافى فقط بوصفها جارة للكويت والعراق.
التطور الأهم لصورة المملكة فى الذهنية الأمريكية بدأ من منتصف التسعينيات بعد بيان تأسيس تنظيم القاعدة الإرهابى من كهوف أفغانستان، الذى استغله اللوبى الصهيونى وغيره من اللوبيات المناوئة للمملكة ليربطوا بينها وبين الإرهاب، وكان أول صدى لهذا البيان الإرهابى فيلم«الحصار ــ The Siege» عام 1998 من بطولة دينزل واشنطن الذى بدأ أول مشاهده بالربط بين المملكة وبين«شيخ» إرهابى مطلوب للاستخبارات الأمريكية.
أما اجتماعيا فقد ظهر فى فيلم Dallas Buyers Club نقدا عارضا للحياة الاجتماعية فى المملكة، الفيلم الذى ظهر عام 2013 يتحدث فيه البطل عن إحجامه عن الذهاب للعمل فى المملكة «لأن الحياة فيها غير طبيعية»، وهو انتقادٌ إذا أضيف إلى ما ورد فى الأمثلة السابقة، فستكون صورة المملكة قاتمة فى ذهن الفرد الأمريكى الذى لا يدرك أن ما يراه على شاشته عن «السعودية» ليس إلا صورة نمطية خاطئة منحازة وموجهة ولا تعبر عن الحقيقة.