هنا القاهرة
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 28 أبريل 2018 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
القناة الفضائية هى بالاساس محتوى يثير اهتمامات الناس فى المعلومة أو الخبر أو حتى مجرد الترفيه، لو عدنا للخلف زمنا مثلا، عندما كان ولاة الامر يريدون توصيل خبر أو معلومة أو قرار لجموع الناس كان يقف الموكل بالأمر فى صحن ميدان كبير وينادى فى الناس «يا قوم» ويعلن عليهم الخبر أو المعلومة أو القرار، تلك كانت وسيلة الاعلام، تلك كانت القناة الفضائية المتاحة فى ذاك الزمن، لو تخيلنا ان هذا الرجل وقف وأعلن على جمهور الناس خبرا أو معلومة أو قرارا مهما، فكل مرة يظهر نفس هذا الرجل ويصيح بالكلمة «يا قوم» سيهرول اليه ضعف العدد السابق من الجمهور، لماذا لأنه قال كلاما اعتبره الناس مهما وبأسلوب سيطر على حواسهم، ولو تخيلنا أن نفس الرجل وقف فأعلن خبرا تافها أو معلومة مكررة ففى كل مرة سيتقلص عدد مستمعيه حتى لا يجد غير نفسه يعلن عليها ما يعلن لأنه تحول إلى وسيلة اعلام أو قناة فضائية بلا جمهور.
هكذا هى معادلة قناة فضائية ماذا تقول، وكيف، هل تمكنت من جذب اهتمام الجمهور.. إذا نعم تكون قد بدأت طريق النجاح، إن نجاح قناة فضائية تتحكم فيه مجموعة من العوامل التى لو توفرت لحققت القناة اهدافها كمشروع اعلامى واستثمارى فى آن واحد.
حان الوقت إن لم يكن متأخرا أن يخرج صوت مصر إلى العالم من خلال قناة إخبارية دولية تخاطب من خلالها العالم والعالم أيضا يخاطبها أسوة بالقنوات الدولية الأخرى مثل BBC BWTN – CNN وفرانس 24 وغيرها. قناة فضائية دولية تستطيع مصر من خلالها عرض سياستها الداخلية والدولية واقتصادها وتاريخها والأماكن السياحية والرياضية وما إلى ذلك بلغات يفهمها العالم باللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها بجانب اللغة العربية، كذلك على هذه القناة الاهتمام بإفريقيا بنوع خاص فسياساتنا لا تصل إلى شعوبها بينما القنوات الدولية الأخرى تخصص أوقات بث ومناقشات وتحليلات للقارة الإفريقية وما يجرى فيها من أحداث ونحن لا نعلم شيئا لأن إعلامنا إلى اليوم منطوٍ على ذاته ومتمحور حول الأحوال التى بالدرجة الأولى تهم مصر فقط، بينما سياسيا وأمنيا واقتصاديا وسياحيا ولجذب الاستثمار علينا أن ننفتح أكثر وأكثر إلى دول العالم خاصة عمقنا الإفريقى بجانب عمقنا العربى.
إنشاء قناة فضائية جديدة واستضافة الخبراء والعلماء والمسئولين الوطنيين وإلقاء الضوء على قوة ولُحمة الشعب المصرى وصحة الإجراءات الاقتصادية وجدوى الإصلاح الاقتصادى، والتركيز كذلك على دور الجيش والشرطة فى حماية الوطن والمواطن، وعمل تنويهات خاصة بتثبيت الدولة المصرية بأفكار مختلفة ومتنوعة وإذاعة برومهات عن المشروعات القومية ومكافحة الإرهاب ودور المرأة المصرية. إعداد تقارير إخبارية حول ما يحاك من مؤامرات ضد مصر وبيان بالانجازات التى تمت على أرض الواقع لرفع الروح المعنوية لدى المواطنين وذلك من خلال البرامج الاخبارية والاقتصادية والسياسية. يجعل مصر فى مصاف الدول المتقدمة التى تعمل لصالح مواطنيها ورقيهم من خلال هذه القنوات الفضائية.
إن التوجه الجديد لإنشاء قناة فضائية مصرية يرجع لعصر التطور المعلوماتى ولمنافسة الإعلام البديل مثل وسائل التواصل الاجتماعى «فيسبوك» و«تويتر» ولابد من جذب المشاهدين من جديد للشاشة عن طريق الأسلوب الحضارى الراقى لعرض الأحداث وأيضا لابد أن تتضمن برامج مناقضة لثقافة الاستهلاك والترويج للفضائح والتشهير أكثر من الترويج الإعلامى.
هل مصر عندها الإمكانيات فى تأسيس تلك القناة؟ الإجابة هى «نعم»، فالكوادر البشرية موجودة فى ماسبيرو ومدينة الإنتاج الإعلامى والفضائيات الأخرى، كذلك المحللون فجامعاتنا ومراكز الأبحاث زاخرة بهؤلاء فى مصر والخارج ويستطيعون عرض القضايا المصرية بلغة وعقلية الأجانب، أما الاعتمادات المالية فلا أظنها مشكلة كبيرة إذا تم تكوين شركة مساهمة مصرية يكتتب فيها المواطنون بجانب القطاع الخاص وربما مصادر أخرى تستطيع الحكومة تدبيرها. لا يخفى على أحد أن المعارك لا تدار بالصواريخ والدبابات ولكن المعارك سواء السياسية أو الحربية تبدأ من الصورة كما حصل فى سوريا ففيديو صغير أقام العالم وكان سببا للعدوان الثلاثى على الشقيقة سوريا بزعم امتلاكها للأسلحة الكيماوية واليوم كثير من الأصوات فى الغرب تتساءل عن مصداقية هذا الفيديو وتتهم حكوماتها بأنها تسرعت بل أخذته ذريعة لكسر النظام السورى. فهذا فقط مثل أحببت أن أستشهد به لإبراز أهمية تأسيس قناة فضائية دولية تخاطب العالم ويا ليت يكون ذلك فى أسرع وقت فقد تخلفنا كثيرا فى هذا المدمار.