أوباما.. و«ثورة» الإخوان!
محمد عصمت
آخر تحديث:
الخميس 28 مايو 2009 - 8:46 م
بتوقيت القاهرة
بذكائهم السياسى المعروف.. أدرك الإخوان المسلمون، منذ البداية، أن نظام الرئيس مبارك يعاملهم بوجهين متناقضين: الأول، يكرههم ويريد نفيهم من الساحة السياسية إلى الأبد خوفا من شعبيتهم المتنامية وحصولهم على المزيد من المقاعد فى البرلمان!
أما الوجه الثانى، فهو حريص على وجودهم بشكل «مشوه» كعنوان للتطرف الإسلامى ويستخدمهم ليخيف أمريكا من إمكانية سيطرة المتشددين الدينيين على الحكم، بهدف أن يغفر الغرب لحكومات مبارك استمرارها فى تزوير الانتخابات، والسماح لها بارتكاب انتهاكات مقبولة لحقوق الإنسان مقترنة بجرعات مستمرة من الفساد واستغلال النفوذ.
الإخوان فهموا قواعد اللعبة، وحصلوا على المقابل من هذه الحكومات من خلال اجبارها على السماح لهم ببناء امبراطوريات مالية واقتصادية مع بعض النوافذ الإعلامية يعبرون من خلالها عن مواقفهم وأفكارهم وطموحاتهم السياسية..
وبالقطع، كثيرا ما كانت الأزمات تهب لتعكر هذه الصفقة غير المكتوبة بين الطرفين، فتصريح نارى من هذا الصقر أو ذاك من قيادات الإخوان، كانت تعقبه موجة اعتقالات فى كوادر الجماعة والزج بهم فى السجون أو إحالتهم لمحاكم عسكرية، كقرصة أذن موجعة تعود بعدها الجماعة إلى السيناريو المرسوم لها بالتحرك فى اطاره..
والمؤكد ان هذه العلاقات السياسية المشوهة، ابعدت الجماعة عن ينابيعها الأولى الصافية، حينما نشأت كحلم رومانسى برىء على يد حسن البنا عام 1928 يستهدف إعادة الخلافة الإسلامية التى أسقطتها ثورة كمال أتاتورك عام 1924 فى تركيا، وانشاء دولة إسلامية عالمية تحكم بالقانون القرآنى ويحكمها خليفة واحد وتقف أمام المؤامرات الأوروبية لتفتيت ديار الإسلام.
جرت فى النهر مياه ودماء كثيرة.. ولم تعد الجماعة تحلم بدولة إسلامية عالمية بل ــ ربما ــ ولا حتى دولة إسلامية فى مصر، واكتفى الكثير من كوادرها بخوض المناورات الحزبية، وانشغل فريق آخر بشئون البيزنس وشجونه، ولم يعد احد يهتم بالحديث عن تجديدات سياسية فى الفكر الإسلامى للجماعة منذ سقوط حلمها الرومانسى باقامة الخلافة، وأيضا بعد تخليها عن تكفير المجتمع كما قال سيد قطب خلال مراحل صدام الإخوان مع عبدالناصر.
المطلوب الآن ثورة فكرية تحل لنا أزمات الحركات الإسلامية مع الديمقراطية ومع المرأة ومع الأقليات ومع القوى السياسية المختلفة بشكل يلبى احتياجاتنا نحن، لا من أجل مناسبات سياسية تلبى املاءات خارجية تحرص على بقاء هذا الوضع البائس على ما هو عليه.
فهل يدرك الرئيس الأمريكى أوباما وهو يخطط ــ كما تردد ــ لعقد لقاءات مع قيادات الجماعة خلال زيارته المرتقبة لمصر، ان عليه مواجهة هذه العلاقة الملتبسة إلى تربط الحكم بالجماعة؟!.. كل المطلوب منه هو ان يضغط على الطرفين لقبول النموذج التركى الذى يسمح لنا فى مصر باقامة أحزاب إسلامية وعلمانية ويسارية تتعايش سويا مع ضمانات دولية تفرض على الجميع احترام قواعد اللعبة الديمقراطية، وما تسفر عنه صناديق الانتخابات.. فقط لا غير!