مصر والعرش
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 28 مايو 2014 - 6:00 ص
بتوقيت القاهرة
لم يكن ترشح المشير «عبدالفتاح السيسى» للرئاسة المصرية من الأمور التى يمكن أن يمر عليها المهتم بالشأن المصرى مرورا عابرا ودون أن يتوقف عندها ويتفحص الأمر بدقة.
فى داخلى يقين بأن «السيسى» لم يدر فى خلده قط، أمر الترشح للرئاسة، وحينما حرر بلاده من قبضة «الإخوان» واستجاب لأكبر ثورة شعبية عرفها التاريخ وحمل روحه على كفه ووضع نفسه فى مرمى القناص، لم يكن يفعل ذلك وهو مبطن أمر الترشح، بل كان يفعل ذلك من أجل البلاد التى هو قادر على حمايتها ونقلها من حالة إلى حالة أخرى ليس له فيها دور ولا نصيب، وربما كان يخطط لأن يبقى رمزا فى ذاكرات المصريين وفى قلوبهم، ولكن ثمة ما أجبره على خوض تجربة الترشح.
إلى جانب الضغط الشعبى الذى أقض مضجع «السيسى» مطالبا إياه بالترشح وقيادة البلاد، ثمة أمور وحسابات أخرى واقعية أجبرته على الترشح.
لو تفحصنا الوجوه السياسية المصرية المحتملة للترشح الرئاسى وأقربها بالطبع الوجوه التى خاضت التجربة السابقة وأبرزها «أبوالفتوح» و«حمدين صباحى» و«أحمد شفيق»، فسنرى أن الأوفر حظا هو «أحمد شفيق» الذى وصل إلى المرحلة النهائية، ولكن حسابات 2014 لا تتطابق مع حسابات 2012 و«شفيق» عاش فى الظل تقريبا خلال هاتين السنتين، ثم إن «صباحى» كان حقق مركزا متقدما فى تلك الانتخابات، وبالتالى فإن ما نستنتجه من ذلك، هو لو أن المنافسة بقيت بين «شفيق» و«صباحى» كتيار مدنى، فإن هذا الوضع سوف يفتح الباب واسعا لـ «أبوالفتوح» والذى سيدعمه «الإخوان» بكل تأكيد ومعهم التيارات الدينية الأخرى، ما يهيئ له فرص الفوز وليعود الإخوان المسلمون من جديد باسم جديد.
وهذه فرضية قابلة جدا للتحقق وبالتالى تدخل مصر من جديد نفقا مظلما من الصعب الخروج منه هذه المرة.
أما إذا ما انحصرت المنافسة فى «صباحى» و«شفيق» فاحتمالات فوز «صباحى» واردة وبقوة أيضا، ووجود «صباحى» على مقعد الرئاسة المصرية لن يكون خيرا من وجود الإخوان فيه، فـ«صباحى» ذو وجه سياسى لا يسعد، وماض سياسى لا يسر وبالذات علاقاته برموز الديكتاتورية العربية، وهذا ما سيجعل مصر تحت رئاسته فى وضع حرج وعلاقات مضعضعة مع محيطها.
ونتيجة لذلك كله، لم يجد «السيسى» بدا مما ليس منه بد وهو الترشح للرئاسة من أجل مصر لا من أجل عرشها.