القمة الروحية
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 28 مايو 2016 - 9:55 م
بتوقيت القاهرة
لأول مرة يزور إمام أكبر لمشيخة الأزهر أكبر جامعة فى العالم الإسلامى حاضرة الفاتيكان، فكان لقاء قمة الرؤساء الروحيين الذى جرى الأسبوع الماضى عندما لبى الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر دعوة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية فى العالم لزيارته فى الفاتيكان، وقد زار فى فبراير 2000 البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثانى مشيخة الأزهر والتقى بالمرحوم الإمام الأكبر الراحل محمد سيد طنطاوى أثناء زيارته لمصر وقد كان لقاء روحيا مميزا مازال محفورا فى ذاكرة قلوبنا.
ولكن بعد محاضرة لقداسة البابا السابق بندكتوس السادس عشر ثم مطالبته للحكومة المصرية بعد انفجار كنيسة القديسين فى الإسكندرية بحماية مواطنيها خاصة المسيحيين اعتبر الأزهر الشريف أن هذه التصريحات تدخل فى الشئون المصرية، فتجمدت لجنة الحوار التى كانت تعقد مرة فى السنة بين الأزهر الشريف والفاتيكان لما يزيد على ست سنوات ولكن استمر التواصل من خلال مؤتمرات مشتركة ولقاءات للسفراء وأيضا مع الكنيسة الكاثوليكية المصرية التى تشـارك فى «بيت العائلة المصرية» التى أسسها وصاحب فكرتها الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب والتى وافق عليها ودعمها البابا الراحل قداسة البابا شنودة الثالث وذلك إثر تفجير كنيسة «سيدة النجاة» فى أكتوبر 2010 فى بغداد. وبعد اعتلاء البابا فرنسيس السدة البطرسية أصبح المجال مفتوحا لعودة لجنة الحوار خصوصا أنه كان مطلبا لكثير من الأحباء والأصدقاء وهنا ليس مجالا لسردها فلنترك ما وراءنا ونمتد لما هو أمامنا.
بعض الناس يتساءلون (بحسن نية أو بسوء نية): ما جدوى هذا الحوار وماذا يتحقق منه على أرض الواقع؟
تنطلق دوافع اللقاء من المسئولية المشتركة بين المؤسستين للقيام بدورهما فى نشر قيم وسماحة الأديان السماوية، وتوجيه رسائل مباشرة إلى المتطرفين من الجانبين الذين استغلوا توقف الحوار مؤقتا للترويج لأفكارهم الشاذة فى مواجهة الآخر.
إن هذه الزيارة تجسد مقاربة جديدة للحوار بين المسلمين والمسيحيين حول العالم، وستساهم فى تحسين العلاقات بين القيادات الدينية، ومن لديهم قدرات كبيرة على توجيه العالم إلى طريق السلام. ويعد نجاح المؤسستين فى التوصل إلى خطاب وسطى عقلانى غير كاف لمواجهة الأفكار المتطرفة،
فنجاحهما فى تفعيل هذا الخطاب مرتبط بمدى مساهمة مختلف دول العالم ومؤسساتها فى نشر هذا الخطاب، والإصرار على تطبيقه. ولا يخفى علينا أن الأزهر يحاول أن يحتوى آثار الشرخ الذى أحدثته الجماعات الإرهابية فى العالم الإسلامى تحديدا بعد أن تم ربطه بالإرهاب، وهى مهمة تحتاج إلى تعاون مؤسسة الفاتيكان التى ترمز لأكثر من مليار مسيحى كاثوليكى على مستوى العالم.
وجهت هذه الزيارة رسائل عالمية تستهدف تصحيح صورة الإسلام فى العالم، والتشديد على أهمية التواصل ما بين الحضارات، ومحاولة إيجاد رؤى مشتركة مع تلك البلدان لنشر مفاهيم المودة والسلام.
الحوار ما بين المؤسستين الكبيرتين بعيدا عن العقائد مهم جدا لأن الحوار فى حد ذاته يُعرف الناس ببعضهم البعض ويكسر الحاجز الذى قد يكون بين الطرفين كذلك التعرف على أفكارهم وعاداتهم وأسلوب حياتهم خاصة أن هناك كثير من المشتركات بين الدينين الكبيرين، كذلك تجابهه المؤسستين تحديات كبيرة منها على سبيل المثال وليس الحصر الإرهاب والعنف والتعصب الدينى والإلحاد والهجرة والتهجير وغيرها. وعلى المؤسستين أن تتحاورا وتجدا حلولا للمشاكل والصعوبات لخير الإنسانية كلها.