الاحتماء بالناس وليس الانزواء بعيدا عنهم
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
السبت 28 يونيو 2014 - 5:55 ص
بتوقيت القاهرة
على الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية والحقوق والحريات فى مصر أن تتعلم وبسرعة كيف تستوعب الصدمات المتتالية والضربات المتلاحقة دون ضياع لبوصلة الفعل أو فقدان للأمل فى حاضر وغد أفضل أو غرق جماعى فى دوائر «المظلومية» ومقولات «نحن ضحايا السلطوية الجديدة» التى لن ترتب إلا شيوع الخوف والانسحاب من الشأن العام والانزواء بعيدا عن الناس إزاء سطوة منظومة الحكم ـ السلطة.
ستتواصل انتهاكات الحقوق والحريات وتتمدد جغرافيا الظلم والعصف بسيادة القانون، سيتواصل تهجير المواطن من المجال العام وإلغاء حقه فى الاختيار إن لجهة السلطة التشريعية (تفصيل قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس النواب لتخليق برلمان موالاة تحت سيطرة المال الانتخابى والروابط التقليدية) والسلطة التنفيذية (مرشح الضرورة ـ مرشح الدولة المتحول إلى الرئيس المنقذ ـ الرئيس المخلص) أو لجهة قطاعات حيوية فى المجتمع (إلغاء انتخابات رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمعاهد) أو بهدف مراقبة ومحاسبة المؤسسات والأجهزة الرسمية، سيتواصل فرض الرأى الواحد والصوت الواحد وغياب الرشادة عن النقاش العام وتهميش الرأى الآخر والصوت الآخر أو الانسحاب الطوعى لحملتهما.
إزاء كل هذا، البديل الوحيد أمام الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية والحقوق والحريات هو التمسك ببوصلة الفعل التى تدفع من جهة إلى مقاومة الانتهاكات (الاعتقالات والتعذيب والقوة المفرطة والأحكام المشددة) بالتوثيق وبالمصارحة وبالمطالبة بالمساءلة والمحاسبة والتغيير وبتوعية الرأى العام، وتمكن من جهة أخرى من مقاومة السلطوية الجديدة بأدوات سلمية مبتكرة وفى كل المساحات المتاحة (المجتمع المدنى، داخل المؤسسات والأجهزة وخارجها، الرأى العام وتفضيلات القطاعات الشعبية).
البديل الوحيد هو مقاومة فقدان الأمل فى حاضر وغد أفضل بقراءة عبر التاريخ والاحتماء فى ضمير المصريات والمصريين الجماعى الرافض دوما للظلم والباحث عن الحق والعدل مهما تعرض الناس لغسل الأدمغة ومحاولات تزييف الوعى. ثقوا أن فى الاحتماء بالضمير الجماعى الحل الأمثل للتغلب اليأس ـ الإحباط ـ الوهن ـ تراجع القدرات.
البديل الوحيد هو تجاوز الغرق فى مقولات «نحن الضحايا» بالانفتاح على قطاعات شعبية متنوعة لشرح الحقائق بشأن الانتهاكات المتكررة والسلطوية الجديدة التى تبنى على قدم وساق ومآلها إلغاء كل مساحات الحرية فى البلاد، ودون استعلاء لإقناعهم بحضور رابطة إيجابية بين الديمقراطية وبين الخبز والأمن والاستقرار، وبنقد ذاتى يسجل بشجاعة الأخطاء التى وقعت بها الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية حين تجاهلت خلال السنوات الماضية ضرورة الاقتراب اليومى من المواطن عبر المزج بين الحقوق والحريات الشخصية والمدنية والسياسية وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والهموم المعيشية والطلب على الأمن والاستقرار ويعد بتجاوز هذه الأخطاء. ثقوا أن المظلومية ومقولات «نحن الضحايا» والانزواء بعيدا عن الناس والمجتمع لن يذهب بنا إلا إلى وضعية دائمة من اللا فاعلية ومحدودية التعاطف العام.