من مصعب إلى وليد.. شرعنة القتل غدرًا فى سبيل التنظيم
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
الأحد 28 يونيو 2015 - 11:20 ص
بتوقيت القاهرة
فى منتصف تسعينيات القرن الماضى عقدت جماعة الجهاد المصرية وبحضور أميرها آنذاك أيمن الظواهرى «محكمة شرعية» لصبيين لم يتعد أكبرهما الخمسة عشر عاما، بعد أن وجهت لهما اتهامات بالعمالة والتجسس لصالح أجهزة الأمن المصرية.
المحكمة التى عقدت فى إحدى ضواحى العاصمة السودانية الخرطوم أدانت الطفلين وأصدرت حكمها بإعدامهما، بعد أن ادعت على مصعب، 13 عاما، نجل القيادى الجهادى المصرى محمد شرف، المكنى أبو الفرج اليمنى، بأنه سلم أحد ضباط جهاز المخابرات المصرية معلومات مهمة أوقعت بعدد من قادة التنظيم، وأنه كان يخطط لتفجير مقر مجلس شورى الجماعة بالسودان.
أطلق الرصاص على مصعب أمام والده تنفيذا للحكم، وتم توثيق وقائع المحكمة وعملية الإعدام على شريط فيديو.
لم يحتمل أبو الفرج وهو مسئول اللجنة الشرعية بـ«الجهاد» الاستمرار تحت إمرة الظواهرى قاتل ولده، فهجر التنظيم وسافر إلى اليمن ودخل فى سجال فقهى مع جماعته يتهمهم فيه بقتل ابنه دون سند شرعى، وحكم على شرف فى قضية «العائدون من ألبانيا»، بـ10 سنوات، وتسلمته مصر من الإمارات، وأودع سجن طرة، إلى أن خرج بقرار عفو أصدره المجلس العسكرى فى مارس عام 2011.
استدعيت تلك القصة من تاريخ جماعات العنف الأصولى بعد أن طالعت الفيديو الذى بثته ميليشيات «العقاب الثورى» المسلحة، المحسوبة على جماعة الإخوان، منذ أيام وكشفت فيه عن إعدام شاب قالت إنه «تعاون مع الشرطة» ضدها.
الشاب الذى عثرت أجهزة الأمن على جثته فى إحدى المناطق الصحراوية جنوب القاهرة، هو أحد أنصار الجماعة، الذين شاركوا فى مسيراتها وفاعلياتها، قال فى مقطع الفيديو إن اسمه وليد أحمد على، من سكان مدينة حلوان، وروى أنه تعاون مع ضباط فى الشرطة فى حلوان من أجل تجنيده للاندساس وسط مسيرات الإخوان فى المدينة والإبلاغ عن المشاركين فيها مقابل أجر، ومراقبة أسماء بعينها للقبض عليهم بعد انتهاء المسيرات.
بدا وليد فى الفيديو مستسلما لخاطفيه، وأظهرت نظراته أنه فى انتظار عفو قد يأتى فى حال إقراره بأنه تسبب فى «أذى كثيرين». حذَّر «أى متعاون مع الأمن» من أنه «معروف ومرصود، وسيتم توقيفه» من قبل تلك المجموعات، لو استمر فى هذه المهمة، وسينال مصيره نفسه.
وعلى أنغام نشيد صليل الصوارم الذى تنشده معظم الجماعات الجهادية، ظهر وليد فى منطقة جبلية ثم أُطلق عليه الرصاص.
قتل الإخوان وليد بذات الطريقة التى قتل بها «الجهاد» مصعب، فمنهج جماعات العنف الأصولى لم يختلف «أعدم أخاك فى سبيل بقاء التنظيم»، وستجد فى الفقه والشريعة التأويلات التى تدعم بها حكمك.
فى سبيل التنظيم قتلت الجماعة رئيس وزراء مصر محمود فهمى النقراشى عام 1948، بعد أن قرر حل الجماعة، وفى سبيل التنظيم صفت الجماعة عددا من قادتها وعلى رأسهم سيد فايز عبدالمطلب عام 1954، الذى دعم المرشد الثانى حسن الهضيبى فى مواجهة قائد النظام الخاص عبدالرحمن السندى، وفى سبيل التنظيم قدمت الجماعة شبابها قرابين على عتبات اعتصامى رابعة العدوية والنهضة عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، وأخيرا فى سبيل التنظيم تقتل الجماعة أولادها رميا بالرصاص وتوثق عملية الإعدام بالصوت والصورة.