اضطراب السلام العالمي


قضايا عالمية

آخر تحديث: الجمعة 28 يونيو 2024 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

مرة أخرى، يتدهور متوسط ​​مستوى السلام العالمى مع نشوب 56 صراعا فى جميع أنحاء العالم ــ وهو أكبر عدد للصراعات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بجانب عدد قليل من الصراعات التى تم حلها.
جاء ذلك وفقًا لتقرير مؤشر السلام العالمى 2024، والذى أصدره معهد الاقتصاد والسلام (IEP). ويصنف الإصدار الثامن عشر من مؤشر السلام العالمى (GPI) ١٦٣ ولاية وإقليمًا وفقًا لمستوى السلام فيها.
وسجلت نتائج هذا العام التدهور الثانى عشر فى السلمية خلال السنوات الـ 16 الماضية، بمعنى أظهر الإصدار تحسن 65 دولة وتدهور 97 دولة أخرى فى مستويات السلمية. وهذا هو أكبر عدد من الدول التى تتدهور فيها مستويات السلام فى عام واحد منذ بداية عمل المؤشر.
تعد اليمن هى الدولة الأقل سلمية فى العالم فى مؤشر السلام العالمى لعام 2024، تليها السودان وجنوب السودان وأفغانستان وأوكرانيا. وهذه هى السنة الأولى التى يتم فيها تصنيف اليمن على أنها الدولة الأقل سلمية فى العالم، حيث تراجعت 24 مركزًا فى التصنيف منذ بداية المؤشر.
ويخلص التقرير إلى أن الصراعات أصبحت أكثر تدويلاً، حيث تشارك الآن 92 دولة فى صراع خارج حدودها، وهو أكبر عدد للدول المتحاربة منذ إنشاء مؤشر السلام العالمى فى عام 2008، مما يعقد عمليات التفاوض من أجل سلام دائم. إن تدويل الصراع مدفوع بتزايد المنافسة بين القوى العظمى وصعود القوى المتوسطة، التى أصبحت أكثر نشاطًا فى مناطقها.
وتشير نتائج المؤشر إلى أن أوروبا هى المنطقة الأكثر سلمية فى العالم وهى موطن لثمانية من الدول العشر الأكثر سلمية. بينما ظل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الأقل سلمية فى العالم. وسجلت أمريكا الشمالية أكبر متوسط ​​تدهور بين جميع المناطق، مع انخفاض كبير فى الهدوء فى كل من كندا والولايات المتحدة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التدهور، فإنها تظل ثالث أكثر المناطق سلمية على مستوى العالم، بعد أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ.
بشكل عام، وجد برنامج التعليم الفردى (IEP) أن العالم أصبح أقل سلامًا على مدار الأعوام الستة عشر الماضية، مع تدهور متوسط ​​درجات الدولة بنسبة 4.5% منذ إنشاء المؤشر فى عام 2008. وارتبط تدهور مؤشرات السلام العالمى بالصراعات الخارجية والداخلية، وعدد اللاجئين والنازحين داخلياً، والمظاهرات العنيفة (أكثر من 95 مليون شخص أصبحوا الآن إما لاجئين أو نازحين داخلياً بسبب الصراع العنيف، إذ توجد 16 دولة تم تهجير أكثر من 5% من سكانها قسرا).
معلومة أخرى، يشير مؤشر السلام العالمى لعام 2024 إلى حدوث ارتفاع كبير فى معدلات الصراع ووفيات الحروب فى العقدين الماضيين، مع العلم وصل عدد وفيات الحروب إلى أعلى مستوى منذ ثلاثين عامًا فى عام 2022. وتوضح الصراعات الإقليمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية والحرب فى غزة التكلفة البشرية المدمرة للحروب. على سبيل الذكر، شهد الصراع الروسى الأوكرانى سقوط أكثر من 2000 قتيل فى كل شهر تقريبا خلال العامين الماضيين، فى حين لم يحقق أى من الطرفين مكاسب كبيرة. وأدى الصراع فى غزة إلى مقتل أكثر من 35000 شخص منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى أزمة إنسانية حادة. هذه الصراعات هى أمثلة على «الحروب الأبدية»؛ حيث يصبح العنف المطول بلا نهاية على ما يبدو دون حلول واضحة، ويتفاقم بسبب الدعم العسكرى الخارجى، والحرب غير المتكافئة، والمنافسات الجيوسياسية.
تفسيرا لما سبق، تتغير الحرب فى القرن الحادى والعشرين نتيجة لاتجاهين رئيسيين: التغيرات المتطورة فى التكنولوجيا العسكرية وزيادة المنافسة الجيوسياسية، حسبما ذكر تقرير مؤشر السلام العالمى (GPI). للتوضيح، يمكن للجماعات المسلحة أن تتقاتل مع جيوش منظمة باستخدام تقنيات مثل الطائرات بدون طيار والأجهزة المتفجرة المرتجلة (العبوات الناسفة). وأدى تزايد استخدام الطائرات بدون طيار إلى جعل الصراعات أكثر تعقيدا وأصعب فى الحل.
معلومة أخيرة، أدت التحولات الجيوسياسية إلى صعوبة إدارة الصراع العالمى. فإن التحول من عالم أحادى القطب تهيمن عليه الولايات المتحدة إلى عالم متعدد الأقطاب أدى إلى اشتداد المنافسة وإطالة أمد الصراعات. فالقوى التقليدية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى تعانى من ضغوط شديدة، الأمر الذى يحد من قدرتها على إدارة التوترات العالمية. ومن ناحية أخرى، تتنافس القوى الناشئة مثل الصين وروسيا والقوى المتوسطة الإقليمية بشكل متزايد على النفوذ فى المناطق المتضررة من الصراعات فى جميع أنحاء العالم.
على الصعيد الاقتصادى، شهدت العديد من البلدان انخفاضات هائلة فى الناتج المحلى الإجمالى نتيجة للصراعات العنيفة خلال 2023. على سبيل الذكر، انكمش الاقتصاد الأوكرانى بما يقدر بنحو 30% فى عام 2022 نتيجة للغزو الروسى، فى حين تشير بعض التقديرات إلى أن الحرب الأهلية السورية أدت إلى انخفاض بنسبة 85% من الناتج المحلى الإجمالى.

مجموعة كُتاب
موقع Defence Web
ترجمة: وفاء هانى عمر
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved