اتفاقية روما هى الحل
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الإثنين 28 يوليه 2014 - 9:05 ص
بتوقيت القاهرة
والإشارة إلى الاتفاقية المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، والتى يمكن نظامها الأساسى الدول الموقعة (عبر حكوماتها) والمصدقة (عبر البرلمانات، ويدخل التصديق الاتفاقية محل الوجوب والتنفيذ) عليه من ملاحقة ومحاسبة المتورطين فى جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير الدينى والمذهبى والعرقى وجرائم الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.
إلى اليوم، وقعت ١٤ دولة عربية على النظام الأساسى ولم تصدق عليه إلا ٤ دول هى الأردن وتونس وجيبوتى وجزر القمر ــ علما بأن عدد الدول المصدقة على النظام الأساسى لاتفاقية روما يتجاوز ١٢٠. ترفض أغلبية الدول العربية التصديق على اتفاقية روما ويغيب النقاش العام (القانونى / الفكرى / السياسى) بشأنها ونتخلف هنا أيضا عن حركة البشرية العالمية وبحثها عن الحق والحرية، بينما ترزح الشعوب العربية تحت وطأة جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير والإرهاب والانتهاكات التى تمكن الاتفاقية من ملاحقة ومحاسبة المتورطين بها.
فى العراق، يهجر المسيحيون فى الموصل ويطرد القساوسة والرهبان من كنائسهم وأديرتهم بفعل إجرام وإرهاب داعش وحلفائها التى ترتكب أيضا جرائم إبادة وتطهير مذهبى ضد الشيعة العراقيين وقتل ممنهج لمعارضى إرهابها وتطرفها بين صفوف السنة العراقيين. فى العراق أيضا، تتورط ميلشيات حكومية وغير حكومية شيعية تتورط ومنذ سنوات فى جرائم متكررة ضد السكان السنة.
فى سوريا، تتراكم جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها نظام بشار الأسد ضد الشعب السورى وبهدف قمع الأمل فى الحق والحرية، ويوظف النظام آلة قتله والتمايزات الدينية والمذهبية والعرقية لتمرير جرائمه والتشبث بالحكم. فى سوريا أيضا، تتورط بعض الحركات المتطرفة المعارضة لنظام بشار الأسد، ومن بينها داعش، فى جرائم إبادة وجرائم تطهير وإرهاب ممنهج لا يقل وحشية عن وحشية النظام ولم يرتب إلا إفساد طلب الشعب السورى للحق وللحرية والتمهيد لتفتيت الدولة الوطنية وتحويلها إلى أشلاء.
يتكرر ذات المشهد فى ليبيا التى تشهد صراعات أهلية بين مجموعات قبلية ومناطقية وسياسية مسلحة بكثافة (سلاح الإطاحة بالديكتاتور القذافى الذى ترك فى أيادى هذه المجموعات دون حكومة مركزية قادرة على السيطرة). الحصيلة المأساوية هى قتل عشوائى للمدنيين ــ كالقتل المأساوى لأكثر من ٢٠ من المصريين بفعل سقوط صاروخ جراد على محل إقامتهم، الحصيلة المأساوية هى تغول الإرهاب وتصاعد جرائمه، الحصيلة المأساوية هى صراعات مسلحة على السلطة وتفتيت للدولة الوطنية وتعطيل كامل للمجتمع وقواه.
فى فلسطين، ترتكب إسرائيل جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة ولا تتوقف جرائم الاستيطان والتهجير وهدم المنازل وقتل المحتجين الفلسطينيين فى القدس والضفة الغربية. كل هذا، والسلطة الفلسطينية لم تصدق بعد على النظام الأساسى لاتفاقية روما لكى تسرع فى ملاحقة ومحاسية مجرمى الحرب الإسرائيليين. أما بقية الدول العربية فتتكالب عليها إما الصراعات الأهلية كالسودان واليمن، أو تضربها توترات أهلية (ذات أسباب داخلية واقليمية) وجرائم إرهابية متتالية تعطل الدولة والمجتمع كلبنان، أو تعانى من الإرهاب ومن انتهاكات الحقوق والحريات وتراجع السلم الأهلى كمصر. وتغيب الملاحقة والمحاسبة، إن بشأن المجموعات الإرهابية والحركات المتطرفة المتورطة فى الصراعات الأهلية والجرائم المختلفة، أو بشأن المكونات والعناصر المتورطة فى انتهاكات الحقوق والحريات داخل منظومات الحكم / السلطة.
يتعين على الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية فى عالمنا العربى تبنى مطلب التوقيع والتصديق على النظام الأساسى لاتفاقية روما، والضغط من أجل انضمام الدول العربية للمحكمة الجنائية الدولية ــ التى ترفض طبعا الولايات المتحدة وروسيا والصين وإسرائيل الانضمام إليها. فقد أن آوان ملاحقة ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، ونظم حكم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية ومجموعات التطرف والإرهاب فى العراق وسوريا وليبيا، وحكومات الصراعات الأهلية فى السودان واليمن، وكل متورط فى إجرام إرهابى كتفجيرات لبنان المتكررة وحادثة الفرافرة فى مصر مؤخرا والحوادث الإرهابية المتكررة فى سيناء، وكل مسئول عن انتهاكات الحقوق والحريات.
أدرك الاستحالة الحالية لتصديق أغلبية الدول العربية على اتفاقية روما، إلا أن النشاط المطلبى للأصوات وللمجموعات المدافعة عن الديمقراطية يندر أن يترجم إلى تغيير سريع فى سلوك الدول والحكومات وينبغى من ثم الشروع فيه بنفس طويل وصبر وبوصلة إستراتيجية واضحة. أما بشأن فلسطين، فلم يعد أمام الرئيس محمود عباس والسلطة فى رام الله بعد إجرام إسرائيل فى غزة إلا التوقيع والتصديق على الاتفاقية والانضمام للمحكمة الجنائية الدولية لتفعيل الملاحقة والمحاسبة.