معركة كاميليا
محمد عصمت
آخر تحديث:
السبت 28 أغسطس 2010 - 10:07 ص
بتوقيت القاهرة
برقتها البالغة وابتسامتها الهادئة.. كشفت السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن ديرمواس أننا «لا نعيش أزهى عصور الديمقراطية ولا حاجة»، كما تقول الحكومة.. ولكننا نعيش بعقول القرون الوسطى ونخوض بها معارك القرن الحادى والعشرين!
كاميليا بدون ان تدرى، أصبحت عنوانا لـ«معارك دينية طاحنة» الطرف الأول يؤكد انها أسلمت، وان الكنيسة تحتجزها فى مكان سرى وتقوم باعطائها أدوية مهدئة لإجبارها على ترك الإسلام، وانها أصيبت بحالة هلوسة لعدم قدرتها على احتمال كل هذه الأدوية والضغوط.
أما الطرف المسيحى فيؤكد أن كاميليا تعرضت لعملية غسل مخ لكنها لم تشهر إسلامها، وانها كانت تعانى من مشاكل مع زوجها دفعتها إلى الذهاب لمنزل اهلها كأى زوجة عادية، مع التاكيد على ان هناك منظمات اسلامية تمارس عملها فى الظلام لاغراء الفتيات المسيحيات بالمال لدخول الإسلام ثم تزويجهن من شبان مسلمين!
كل طرف من الطرفين لم يبد أى اهتمام حقيقى بكاميليا كإنسانة.. ولكنه تعامل معها باعتبارها ساحة قتال استدعى فيها كل أسلحة الدمار الشامل، ليثبت انه على صواب، فى حين بدت الدولة كما هى العادة فى مثل هذه القضايا وكأنها غائبة عن الوعى، وهى تترك للأمن حرية التصرف واتخاذ القرار الأول والأخير فى القضية، لتصبح هى المسئولة عن كل هذا التعصب الذى يغلى فى نفوس الطرفين.. فالمسلمون يرون ان الدولة ترضخ لمطالب طائفية للمسيحيين ليس حبا فيهم ولكن خوفا من غضب الغرب وتحركات أقباط المهجر فى الكونجرس.. والمسيحيون يرون ان الدولة تضطهدهم منذ الفتح العربى لمصر وحتى تاريخه، وانهم يتعرضون لمضايقات فى بناء الكنائس وإبعادهم عن الوظائف العليا!
لكن وبعيدا عن مكايدات الطرفين.. فإن مأساة كاميليا تؤكد الغياب التام للديمقراطية والإهدار المستمر لحقوق الإنسان فى مجتمعنا.. كما تكشف ان الحكومة التى تسلب ارادتنا السياسية وتسرق أصواتنا الانتخابية بالبلطجة والتزوير، لا يمكن ان تهتم بسرقة إرادة أحد أفراد هذا الشعب، سواء بحبسه داخل دير، أو الضغط عليه لكى يغير دينه.
.
أنا شخصيا، مثل الملايين من المصريين، اتعاطف تمامامع كاميليا سواء أسلمت.. أو لم تسلم من الأساس... أو أنها أسلمت ثم رجعت فى كلامها وعادت للمسيحية مرة أخرى.. فهذه هى حياتها.. وهذه هى اختياراتها.. وعلى الجميع أن يحترمها.. الكنيسة والأزهر والمتطرفون وقبلهم جميعا زوجها الكاهن سمعان..!
حل أزمة كاميليا سياسى وليس دينيا كما يعتقد المتشددون، فحينما تسود الحريات ويزول القمع والظلم لن تأخذ قضية كاميليا هذا الحجم، ولن يخوض المسلمون والمسيحيون هذه المعارك الملحمية.. الزائفة!