الشفافية هى: ألا يكون العوا مستشارًا للرئيس
وائل قنديل
آخر تحديث:
الثلاثاء 28 أغسطس 2012 - 9:00 ص
بتوقيت القاهرة
للدكتور محمد سليم العوا مكانته المرموقة فى عالم المحاماة، وله أيضا إسهامه الكبير فى إثراء المكتبة العربية بمؤلفات شديدة العمق فى الفكر الإسلامى المعاصر.. وهو رجل له كل التقدير والاحترام، إلا أن الكلام عن تعيينه مستشارا للرئيس مرسى لشئون العدالة الانتقالية مسألة تسترعى الانتباه ولا تعد مناقشتها خروجا عن الأدب أو الدين.
إن أحدا لا يشكك فى إمكانيات الدكتور العوا القانونية ولا فى ذمته السياسية، غير أنه تطبيقا لمبدأ الشفافية الذى التزم به رئيس الجمهورية، يصبح تولى العوا منصب مستشار الرئيس للعدالة، وهو صاحب مؤسسة كبيرة لأعمال المحاماة، أمرا مناقضا لهذه الشفافية، كون لهذه المؤسسات علاقات وتعاملات فى قضايا ضخمة، مع عديد من الشخصيات والشركات، بعضها ربما يكون طرفا فى واحدة من إشكاليات العدالة الانتقالية.
وحتى كتابة هذه السطور لم يتم الإعلان رسميا عن أن الدكتور العوا ضمن تشكيلة الفريق الرئاسى الجديد، إلا أن خبرا منشورا فى «المصرى اليوم» أمس قال إن الدكتور العوا بدأ فى ممارسة مهامه كمستشار رئاسى للعدالة الانتقالية، ويعكف حاليا على دراسة تجارب خمس دول فى التصالح مع رموز أنظمة أطاحت بها ثورات شعبية».. وفى ثنايا الخبر كشفت «مصادر» أن العوا سيلتقى بهيئات الدفاع عن مجموعة من وزراء مبارك من بينهم نظيف ورشيد والمغربى وأباظة لوضع تصورات للتصالح فى هذه القضايا.. ونأتى إلى مربط الفرس فى الخبر المنشور حيث «أوضحت المصادر أن العوا مطلع على أولى قضايا المغربى والمعروفة إعلاميا بقضية «غبور» حيث كان العوا محاميا لغبور وأكد أن المغربى لا يستحق السجن».
ومن الواضح من تفاصيل الخبر أن الدكتور العوا كان محاميا فى قضايا عليه أن يكون بشكل من الأشكال حكما فيها الآن، بصفته مستشارا للرئيس، سيقوم بالضرورة برفع توصيات والمشاركة فى اتخاذ قرارات تتعلق بقضايا تهم الشعب المصرى كله، وليست مجرد نزاعات بين أفراد أو بين شركات ومؤسسات.. وعليه يمكن القول هنا إنه يوجد نوع من تقاطع المصالح وتداخلها، على نحو يضع الجميع فى حرج، وأولهم الدكتور العوا نفسه باعتباره لا يزال محاميا قديرا.
وهذا الموقف أو المأزق بتعبير أوضح يتطلب: إما أن ينأى الدكتور العوا بذاته عن هذا الموقع الملتبس، أو أن يعتزل المحاماة ويتوقف عن العمل كرئيس لمؤسسة خاصة للأعمال القانونية، وذلك من باب الأخذ بالأحوط وسد الذرائع والابتعاد عن مواطن الشبهات والقيل والقال.. وكما يجرى فى مؤسسة القضاء فإن القاضى يتنحى عن نظر قضية إذا كانت هناك علاقة ما تربطه بأحد أطرافها، وهو المبدأ الذى يحسن أن يأخذ به الدكتور العوا وكذلك مؤسسة الرئاسة، مع الأخذ فى الاعتبار أنه يوجد حول الرئيس حاليا العديد من الشخصيات القانونية التى تستطيع ملء الفراغ.
ومرة أخرى: كل الاحترام للدكتور العوا كمحام ومفكر إسلامى أيضا.