حالة غير مرغوب فيها
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 28 أغسطس 2013 - 8:35 ص
بتوقيت القاهرة
التعددية من مبادئ الديمقراطية، وبدونها لا يمكن بناء ثقافة ديمقراطية. هذه بديهيات، وتشير ممارسة الدول الديمقراطية إليها، ويصعب أن تنشأ تجربة ديمقراطية دون تنوع فى الرأى.
بدأت المواجهة الإعلامية بين قوى ثورة 30 يونيو فى مواجهة أنصار الرئيس المعزول، ثم عرجت، بجانب المعركة الأساسية، إلى غزوات فرعية تعكس اشتباكا بين نخب من اتجاهات مختلفة أيدت إنهاء حكم الإخوان، وانحازت إلى خيار الشعب المصرى فى التغيير السياسى. هناك تصفية حسابات بين قوى ثورية، وخلافات شخصية قديمة وثارات تستيقظ فى فجاجة، ومزاحمة على الظهور فى المشهد حتى لو باللجوء إلى الطعن فى الآخرين، والتشهير بهم، وامتطاء جواد الفروسية الثورية دون إنجاز حقيقى، وتجريح لمثقفين أو كتاب لمجرد أن لهم رأيا مختلفا حتى إن كانوا فى المربع الليبرالى!
هذه الحالة يجب ألا تستمر طويلا حتى لا تتسبب فى إجهاض ثورة 30 يونيو من كثرة الانزلاق فى معارك فرعية تصرف الانتباه عن المعركة الأساسية وهى إعادة بناء الدولة المصرية، ونعود مرة أخرى إلى مشاحنات التصنيف السياسى التى شاهدناها فى أعقاب سقوط نظام مبارك «ثورى فى مواجهة فلول». المواجهة الحقيقية الآن بين من يريد بناء الدولة الديمقراطية التنموية، وبين من يريد عرقلة مسيرته، وهم كثر لأسباب مختلفة إما بالعنف وترويع الناس أو بالسعى لعودة علاقات قديمة ثار عليها المصريون فى 25 يناير.
الخروج من هذه الحالة ينبغى أن يستند إلى مبادئ أساسية:
أولا: القانون يأخذ مجراه فى مواجهة المجرم والمحرض على الجريمة، أما القوى السياسية فإن عملها الأساسى هو طرح البرامج، وحشد الناس للمشاركة، وتقديم بدائل سياسية متنوعة، والارتقاء بمستوى النقاش السياسى. جواز العبور إلى مستقبل هو برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تخاطب المواطن فى احتياجاته وتصوراته الأساسية. وهو ما يشكل مدخلا رئيسيا فى تجفيف منابع التطرف والعنف بالقضاء على الجهل والفقر والبطالة.
ثانيا: الركون إلى الآليات الديمقراطية وفق خارطة الطريق، بالعودة إلى صندوق الاقتراع فى انتخابات برلمانية ورئاسية، أعتقد أنه من الأمثل والأوفر أن تعقد فى يوم واحد.
ثالثا: الاختلاف بين القوى والفصائل السياسية يتعين أن يكون سياسيا على أساس التنوع فى الرأى فى قضايا السياسات العامة التى تتصل برسم المستقبل: الاقتصاد، التعليم، الصحة، العلاقات الخارجية، الخ.
رابعا: تعديل «بوصلة» الإعلام من خلال التركيز على المستقبل، وفتح الملفات الشائكة التى تتصل بإعادة بناء الدولة من خلال وجهات نظر متنوعة، والانصراف عن تخصيص مساحات للأحاديث المنفلتة، أو التى تصرف المجتمع عن القضايا الأساسية التى تتصل بتقدمه، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتحسين نوعية الحياة لمواطنيه.
فى أعقاب سقوط نظام مبارك سادت حالة كالتى نراها اليوم: غضب، أحاديث فساد، خلافات بين القوى السياسية، وانشغل المجتمع عن التفكير فى المستقبل، واليوم نعيد نفس الأمر، ولكن على نطاق أكثر اتساعا نظرا لشعور المجتمع بحجم المآسى التى ترتبت على حكم الإخوان المسلمين. إذا ظلت هذه الحالة، دون إنجاز اقتصادى وسياسى واضح فإنها سوف تتحول إلى مورد للإحباط، والخلافات، وتنحية التفكير النقدى، وابتزاز المختلفين فى الرأى. ليس هكذا تبنى المجتمعات الديمقراطية.