الشباب 1968
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 28 أغسطس 2018 - 9:20 م
بتوقيت القاهرة
خمسون عاما مرت على انتفاضة الشباب فى العالم، والتى امتدت من أوروبا إلى عدد من بقاع العالم الأخرى، وكان من بينها الشباب المصرى فى هذه اللحظة الاستثنائية من تاريخ مصر فى أعقاب هزيمة 1967م. فى «ريمنى» بإيطاليا حيث يُقام كل عام ــ هذا هو العام 39 ــ مؤتمر حاشد يحضره المئات فى العديد من ورش العمل، والندوات فى قضايا تمس حوار الحضارات والثقافات يجرى تنظيم عدد من المعارض. تناول أحدها هذا العام انتفاضة الشباب عام 1968م. كم كان مبهرا عرض الصور والتعليقات، والمواد المرئية، التى حملت الزائر إلى أجواء هذه المناسبة التى انتفض فيها الشباب من أجل مبادئ كثيرة من بينها الوقوف فى وجه المجتمع الاستهلاكى، البحث عن الحقوق والحريات، مواجهة الماكينة التى تعمل بلا هوادة فى المجتمعات الرأسمالية ضد الحرية والإبداع.. شباب حالم، عبّر عن نفسه فى لحظات كان العالم يبحث فيها عن تساؤلات من نوع خاص مثل الحرية والمساواة، وكانت أصداء دعوة مارتن لوثر كنج فى الولايات المتحدة تتردد فى شتى بقاع المعمورة. إنه الحلم الذى انتفض من أجله الشباب. أحداث مهمة جاءت مواكبة مثل ربيع براغ، والغزو السوفيتى لتشيكوسلوفاكيا، ومواجهة الشباب فى باريس ولندن وشيكاغو.
بمناسبة الذكرى الخمسينية لانتفاضة الشباب قدمت دور النشر الكبرى فى العالم، خاصة فى فرنسا مؤلفات جديدة تعيد قراءة هذا الحدث المهم من زوايا مختلفة، تضمن بعضها توثيقا للمرحلة من واقع تقارير رسمية سواء من الجامعات أو الشرطة أو الدبلوماسيين، كيف نظر هؤلاء إلى حركة الشباب، وبعضها اتجه إلى تتبع وتحليل عدد من الشخصيات التى أسهمت فى هذا الحدث العالمى، واتجه قسم ثالث من الكتابات إلى البحث فى قضايا علم النفس السياسى مثل العلاقة بين الشباب والعنف، ونُظمت فعاليات كثيرة على هامش الحدث فى العواصم الأوروبية، وخصصت كبرى الصحف معالجات مطولة عن الحدث من أوجه متعددة، وواجه الرئيس الفرنسى ماكرون تساؤلات هذه المرحلة، وإضرابات تعبر عن الرغبة فى التغيير. ولم تتبلور فى العالم العربى – على ما يبدو ــ الرغبة فى إعادة قراءة هذا الحدث العالمى المهم إلا فيما ندر، ولا أعرف على وجه اليقين عما إذا كان هذا الحدث استدعى اهتمام الباحثين فى مجال التاريخ، وعلم الاجتماع السياسى، والمهتمين بالإنتاج الثقافى عامة فى المجتمع المصرى، وهو ما يشكل فى ذاته دلالة على أن المجتمع يزداد غربة عن التفاعلات العالمية ــ بحثيا وثقافيا ــ حيث يندر أن تجد الاحداث العالمية صداها فى البحث والدراسة، ولاسيما أن لهذه الأحداث تداعيات وتأثير على التاريخ المصرى فى مرحلة معينة، وهو ما يعنى أننا نزداد إغراقا فى المحلية على حساب العالمية، وهذا مؤشر سلبى، خاصة إذا نظرنا إلى مجمل ما حدث فى السنوات الماضية فى المجتمع المصرى منذ عام 2011م، حيث كان الشباب صُناع تغيير، ونظر العالم باحتفاء إلى دورهم، الذى ما لبث أن خفت نتيجة ارتباك التطورات السياسية، وانتهازية بعض الفصائل السياسية، واقتناصها لحركة الشباب، وما آل إليه المجتمع إلى حالة من المواجهة مع قوى تتبنى العرف، وتصاعد موجة الإرهاب، وانكماش المجال العام، والانكفاء على قضايا شديدة المحلية.
العالمية تفتح الآفاق، ولا يجب أن نمسك بأهداب الاقتصاد العالمى، ونغلق الباب ثقافيا.