فكرة سيئة

ديفيد س. برودر
ديفيد س. برودر

آخر تحديث: الإثنين 28 سبتمبر 2009 - 9:59 ص بتوقيت القاهرة

 من أسبوعين كتب صديقى وزميلى يوجين روبنسون مقالا بالغ الحماس وقوى الحجة يشيد فيه بقرار المدعى العام إريك هولدر تعيين مستشار قانونى خاص للتحقق من احتمال انتهاك المحققين مع المتهمين بالإرهاب فى عهد الإدارة السابقة للقوانين.
لكننى أعتقد أنه مخطئ..

ودعونى، بداية، أقر بأهمية محاسبة مسئولى الحكومة عن تصرفاتهم غير القانونية وانتهاكاتهم الخطيرة للثقة الموكولة لهم حتى فى أعلى المستويات. فلم تكن لدى أى مشكلة مع إجراءات إقالة ريتشارد نيكسون، وكنت قد دعوت بيل كلينتون إلى الاستقالة عندما كذب على زملائه فى الحكومة وعلى البلاد أثناء فضيحة مونيكا لوينسكى.

وأفهم لماذا يتوق كثير من الليبراليين الذين عارضوا إدارة بوش لرؤية مديريها وموظفيها مجبرين على تفسير تصرفاتهم علنا. وفى رأيى، تعتبر الحجج التى قدمها روبنسون وكثيرون غيره للحصول على شهاداتهم قوية ومنصفة.

وأنا غير مقتنع بما يقوله نائب الرئيس السابق ديك شينى من أن هذا مجرد ثأر سياسى من جانب الديمقراطيين المهيمنين حاليا على أسلافهم الجمهوريين. ولكل الأسباب المعلنة سابقا، هناك مبررات كثيرة للحصول على إجابات واضحة، بغض النظر عن أى دوافع حزبية.

لكننى، وفى الوقت نفسه، أعتقد أنه من المؤسف أن يطلب هولدر من النائب العام جون هـ. درهام مراجعة قضايا العملاء المتهمين باستخدام أساليب متعسفة ضد بعض الأسرى.

وأعرف أن هذا تحقيق برلمانى، وليس قرارا بمحاكمة أى أحد. وإذا ما توقف الأمر عند هذا الحد، فإن الأمور لن تتفاقم. لكنها خطوة أولى فى طريق قانونى طويل يمكن أن يسفر عن سلسلة محاكمات وهذا ما يقلقنى فى الأمر.

فتشينى لا يخطئ عندما يصر على أنها سابقة خطيرة، عندما يجعل تغيير الحكم فى واشنطن الحكومة القادمة لا تكتفى بتغيير سياسات سلفها فقط، وإنما أيضا تثير نظام القضاء الجنائى عليه.

وحتى ليون بانيتا، مدير الاستخبارات الأمريكية اليقظ الضمير، الذى استقال من عمله الحكومى فى وقت سابق، احتجاجا على سياسات إدارة نيكسون التى كان يعمل بها، لا يوافق على قرار هولدر. وهو يقول إن القرار سيكون له تأثير ضار على أخلاقيات وعمليات وكالته، التى اتخذت خطوات قوية بالفعل لتصحيح السياسات التى ورثتها.

وما توصل إليه بانيتا تدعمه تغطيات ديفيد إجناشيوس فى الواشنطن بوست وغيرها من الصحف الكبرى والمدعومة بمصادر ممتازة من داخل الوكالة.

وخلف هذه الحالات التى ذاعت عن عملاء من المستويات الدنيا نسبيا يلوح سؤال المحاسبة الأساسى: ماذا عن أولئك الذين وافقوا على تصرفاتهم؟ فإذا كانت المحاسبة هى المعيار، وجب تطبيقها من ثم على واضعى السياسات أولا وليس على المرءوسين وحدهم. وأخيرا، هل نحن نريد أن نرى تشينى، الذى أيد هذه التصرفات ولا يزال، فى قفص الاتهام؟

أعتقد أن احتمالا من هذا النوع هو الذى جعل الرئيس أوباما يعلن معارضته اللجوء للقضاء الجنائى، برغم منحه هولدر سلطة تقدير الأمر وتقييمه. وما فعله أوباما هو قرار بتغيير السياسة وتوضيح الممارسات فى الإطار الدستورى وهذا يكفى.

فى أوقات كهذه، يجب الموازنة بين الرغبة المفهومة لفرض المساءلة الفردية وبين نتائج ذلك. فها هى الولايات المتحدة تواجه عددا كبيرا من التحديات الضخمة فى الداخل والخارج، ولا يمكن للرئيس تركها والدخول فى معركة حزبية مريرة لمحاكمة مسئولى حكم إدارة بوش. فالحقيقة هى أن البلاد ستدفع ثمن ذلك غاليا.

وعندما عفا الرئيس فورد عن نيكسون فى عام 1974، كتبت واحدا من الأعمدة القليلة التى أيدت القرار، الذى جاء انطلاقا من أن من الأهم لأمريكا أن تركز على مهمة تغيير الطريقة التى تحكم بها والتصدى للمشكلات القائمة. وقد استغرق الأمر جيلا كاملا قبل أن تعترف به مؤسسة مكتبة جون ف. كنيدى وغيرها من الهيئات بوصفه تصرفا شجاعا.

وآمل ألا نقع فى مثل هذا الخطأ مرة أخرى. فالعجلة تدور، لكن لا يزال من الممكن وقفها قبل أن يحل بنا ضرر لا يمكننا إصلاحه.

Washington Post Writers Group

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved