يجب تعميق سياسة الغموض
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 29 سبتمبر 2021 - 12:25 ص
بتوقيت القاهرة
سياسة الغموض التى انتهجتها حكومات إسرائيل منذ الستينيات حتى اليوم لم تضلل أبدا أعداءنا. فى العالم الدبلوماسى شكلت هذه الصيغة الإسرائيلية نوعا من تسوية وصلت إليها حكومات إسرائيل، فى الأساس مع الولايات المتحدة. الهدف من هذه التسوية كان وضع علامات تعجُب إلى جانب علامة استفهام على الحديث الدبلوماسى الدولى. علامة التعجب كانت مريحة لأنها قادرة على إنقاذ إسرائيل من رفضها توقيع معاهدة وقف انتشار السلاح النووى من دون أن تكون موضع جدل وإدانة من طرف العديد من الدول فى العالم التى ليست كلها عدوة لنا. علامة الاستفهام أبقت الشك فى أن هناك ما هو أكثر تعقيدا وخطورة وتهديدا بكثير وأخفته إسرائيل عن قصد.
هامش عدم اليقين بين علامة التعجب وعلامة الاستفهام كان مصدرا لعدد لا ينتهى من الأساطير بشأن القوة النووية الإسرائيلية، وعدد لا يُحصى من تكذيبات ناطقين رسميين إسرائيليين على مر الأعوام. هذا الهامش مريح ومفيد لإسرائيل ويجب مواصلته.
يجب الاعتراف بأن التسريع فى تخصيب اليورانيوم سيؤدى حتما إلى وصول إيران إلى عتبة النووى. من الأفضل التقليل من هلع لا مبرر له. فى كل الأوقات كان فى إمكان إيران إنتاج يورانيوم خلال أشهر معدودة وبكميات تقربها من الكميات المحددة التى تقربها من العتبة. لذلك السؤال مجددا ليس ماذا يقرب إيران من العتبة. كميات اليورانيوم حيوية عندما تتوافر شروط إضافية ليست متوافرة اليوم لإيران.
رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق إيهود باراك قال أخيرا إن إسرائيل ليس لديها خيار عسكرى تقليدى للقضاء على مكونات التهديد النووى الإيرانى. وجهة نظر باراك مهمة لأنه من دون شك يفهم فى الموضوع. بين قدرة إسرائيل الحقيقية على القضاء على المشروع النووى الإيرانى قضاء مطلقا كما فعلنا فى العراق وسورية، وبين محاولة الاستعداد لمواجهة عسكرية شاملة لا يمكن أن نعرف كيف ستنتهى، هناك مجال لمعركة معقدة ومتنوعة من العمليات التى تستطيع زعزعة الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى لإيران.
هذه المعركة تتطلب تعاونا وثقة وضبطا للنفس من جانب إسرائيل، وتعاونا وتنسيقا قبل كل شىء مع الولايات المتحدة...
يجب العودة إلى نموذج من التعاون الذى يعتمد على منظومة عملانية مركزة تعتمد على عقوبات اقتصادية أكثر صرامة بكثير من التى اتُخذت فى الماضى، وضرب البنى التحتية العسكرية الاستخباراتية بطرق بعيدة عن أنظار وآذان المجتمع الدولى، بالإضافة إلى خطوات أُخرى تساهم فى زعزعة الاستقرار السياسى والاجتماعى فى إيران.
هذه خطة عمل مزدحمة وصعبة ومحفوفة بالمخاطر، لكنها خطة ممكنة. لا نحتاج إلى تآكل الغموض، بل نحتاج إلى نضال جرىء وشجاع وسرى ومسئول.
إيهود أولمرت
رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق