تحرير محمد مرسى
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 29 أكتوبر 2013 - 8:05 م
بتوقيت القاهرة
حينما تبدأ محاكمة الرئيس السابق محمد مرسى يوم الاثنين المقبل، كما هو مقرر، ستكون القاهرة وربما معظم محافظات مصر، على موعد جديد مع حرب شوارع طاحنة، هددنا خلالها أنصار الإخوان بأنها ستحمل مفاجآت لا يتوقعها أحد، أهمها أنهم سيقتحمون مبنى المحكمة ويحررون مرسى، ولكنهم لم يخبرونا ماذا سيفعلون به بعد ذلك؟.. هل سيحملونه رأسا إلى قصر الاتحادية ليستعيد الإخوان عرشهم الضائع؟!.. أم سيهربونه إلى أمريكا أو إلى ليبيا ليقود الثورة من الخارج؟.. أم سيخفونه فى مكان سرى حتى إشعار آخر؟
مثل هذه الأسئلة، لا يطرحها البسطاء من المتعاطفين مع جماعة الإخوان، وقد لا تخطر أصلا على بالهم، كيف لا وهم الذين صدقوا أن سيدنا جبريل كان يتواجد معهم فى ميدان رابعة، كما صدقوا ما رواه أحد الأفاقين على منصة رابعة أنه رأى فى أحلامه الرسول صلى الله عليه وسلم يطالب الرئيس مرسى أن يؤمه فى الصلاة!
قادة الإخوان لا يهمهم من قريب أو بعيد تحرير مرسى، فالرجل فى حد ذاته لم تعد له أى قيمة سياسية لديهم، وهم أول من يدركون أن عودته للرئاسة أصبحت مثل عشم إبليس فى الجنة، وأن اختيارهم له للترشح باسم التنظيم فى انتخابات الرئاسة كان بسبب سهولة السيطرة عليه من صقور الجماعة، وعلى رأسهم خيرت الشاطر ورفاقه من مجموعة القطبيين.
كل ما يستهدفه هؤلاء الصقور هو شحن هؤلاء البسطاء للدخول فى مواجهات دموية مع قوات الجيش والشرطة، لتتكرر مرة أخرى مذبحة الحرس الجمهورى أو رابعة، ليستغلوا دماء هؤلاء الضحايا المخدوعين، فى حملة الدعاية الموجهة للغرب ضد ما يسمونه الانقلاب العسكرى، وهى استراتيجية تبدو ناجحة حتى الآن فى معركتهم ضد ثورة 30 يونيو، بعد أن استطاعت هذه الاستراتيجية بالفعل فى اجتذاب العديد من الأصوات المناهضة لهم، للهجوم على الفريق عبدالفتاح السيسى، والزعم بأنه يخطط لعسكرة الحكم، ونسيت هذه الأصوات أن مصر قبل ثورة 30 يونيو كانت على بعد أمتار قليلة من حرب أهلية ضارية، حيث انتشرت حروب الشوارع بالأسلحة النارية بين الإخوان ومعارضيهم فى معظم المحافظات، كما نسيت هذه الأصوات أن المؤسسة العسكرية كانت ولا تزال القوة الوحيدة التى تستطيع مواجهة مؤامرات الإخوان، بعد أن تم تغييب كل الأحزاب المدنية عن ساحة المواجهة للعديد من العوامل التاريخية المتشابكة..
لاعتبارات أيديولوجية أو حتى أخلاقية، يستطيع هؤلاء المعارضون للإخوان وللسيسى أن يقنعوا أنفسهم بأن الجيش أخطأ فى خوض غمار السياسة، وأنه استخدم القوة المفرطة ضد الإخوان، لكن هؤلاء المعارضين لا يقدمون لنا أى بديل لسيناريو الحرب الأهلية التى كانت ستندلع فى مصر، لولا تدخل الفريق السيسى فى الوقت المناسب.
المعركة الحقيقية التى ينبغى ان تخوضها القوى الوطنية فى مصر هى مطالبة السيسى بإجراء تحقيقات شفافة حول ما حدث فى الحرس الجمهورى ورابعة، وإعادة هيكلة مؤسسات الجيش الاقتصادية لتخضع لقيادة ورقابة مدنية، وإعلان برنامج سياسى واضح للحكم الجديد فى مصر يحقق الحرية والعدالة الاجتماعية، أما الوقوف فى منتصف الطريق بين الإخوان والسيسى، فإنه يقدم الدعم الكامل للإخوان ليس فقط لتمرير سياساتهم «النيوليبرالية» التى تستهدف تحرير الأسواق ونهب ثروات البلد وإفقار ملايين المصريين وبناء تحالفات مشبوهة مع قوى صهيونية ــ أمريكية، ولكنه أيضا يقدم الغطاء السياسى لمطالبهم بعودة شرعيتهم الزائفة، بل وتحرير مرسى بالقوة!