الإنجاز الرمزى لموت البغدادى
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الإثنين 28 أكتوبر 2019 - 8:25 م
بتوقيت القاهرة
عملية اغتيال أبوبكر البغدادى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تجرى فى توقيت مفيد جدا من وجهة نظر رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. بعد مرور أسابيع معدودة على تخلّيه عن الأكراد، وتركهم كى يواجهوا وحدهم الغزو التركى لشمال سوريا ــ الأمر الذى تسبب بوقوع سلسلة أحداث ستؤدى إلى فرار الآلاف من مقاتلى داعش من معتقلاتهم ــ حقق ترامب إنجازا رمزيا مهما بموت الإرهابى الشهير.
البغدادى نفسه جرى رثاؤه كذبا عدة مرات، أيضا بعد قصف روسى فى مطلع السنة. هذه المرة على الأقل، بحسب تقارير أولية، يبدو أن الأمريكيين واثقون أكثر بنتائج العملية. فى سنة 2011 عندما اغتال الأمريكيون زعيم القاعدة أسامة بن لادن، فى أيام الرئيس باراك أوباما، ذكر ترامب على تويتر أن الذين قتلوا بن لادن هم وحدة «أسود البحر» وليس الرئيس؛ ويصح ذلك الآن أيضا، لكن ثمة شك فيما إذا كان ترامب سيكون كريما فى توزيع الفضل على المقاتلين، كما طلب من أوباما أن يفعله فى مطلع هذا العقد.
قال يوارم شفايتسر، وهو باحث خبير فى الإرهاب فى معهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب، لـ«هاآرتس» إن أهمية مقتل البغدادى، على افتراض أن هذا حدث فعلا، هى رمزية فى الأساس. بحسب كلامه، الإنجاز الحقيقى للائتلاف الدولى الذى حارب داعش قد سُجّل قبل نحو عامين، مع الانهيار النهائى للدولة الإسلامية، والخلافة التى أقامها التنظيم فى أراضٍ واسعة فى شمال العراق وفى شرق سوريا. سقوط معاقل التنظيم الأساسية الأخيرة، فى مدينة الموصل فى العراق والرقة فى سوريا، غيّر نمط عمل داعش الذى عاد يعمل كتنظيم إرهابى وحرب عصابات مطارد، من دون سيطرة مادية فعلية على الأرض. «الكيان الذى سمى نفسه الدولة الإسلامية اختفى فعليا منذ ذلك الوقت»، قال شفايتسر. وأشار إلى أن البغدادى ظهر هذه السنة مرتين، من خلال خطاب فيديو جرى بثه فى إبريل، ظهر فيه البغدادى كرجل حرب عصابات، يجلس بالقرب من بندقية كلاشينكوف يشجع مقاتليه على الصمود. وفعلا نجح التنظيم فى القيام بعدة هجمات، تقريبا أسبوعيا فى الأراضى السورية والعراقية.
أضاف شفايتسر أنه جرى الاستعداد مسبقا فى داعش لاختيار خليفة للبغدادى، فى مواجهة الأخبار بأن الأمريكيين يواصلون ملاحقته. وهو يقلل من أهمية البغدادى كرمز بعيد الأمد للتنظيم، على الرغم من التقارير التى تتحدث عن تفجير الإرهابى نفسه بواسطة حزام ناسف عندما فهم أنه غير قادر على الهرب من القوة الأمريكية التى اقتحمت المكان الذى اختبأ فيه فى جيب إدلب شمال ــ غرب سوريا.
العملية المركزية ضد داعش بدأها أوباما، من خلال قرار تشكيل ائتلاف دولى لمهاجمة التنظيم وتدمير الخلافة الإسلامية، بعد عمليات الإعدام المروعة للمدنيين الغربيين فى سوريا فى صيف 2014. بعد مرور نحو ثلاثة أعوام أنجز الأمريكيون، خلال رئاسة ترامب، عملية احتلال الموصل والرقة. الآن وقع حدث مدوٍّ، لكن أهميته محدودة.
التنظيم سيواصل العمل بإدارة جديدة وبصورة انتهجها فى السنتين الأخيرتين ــ قوات صغيرة موزعة من دون سيطرة على أراض كبيرة. الخطر الإضافى الذى يمثله داعش يتعلق بالأشخاص المتماهين مع التنظيم، جزء منهم خريجو المعارك فى سوريا وفى العراق الذين عادوا إلى أوروبا وفى مناطق أُخرى فى العالم.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدى فرار الأكراد من وجه الأتراك الذين غزوا شمال شرق سوريا بموافقة ترامب، إلى خسارة ما تبقى من الرقابة على منشآت الاعتقال التى يوجد فيها الآلاف من مقاتلى داعش، وعلى رأسها معسكر الهول الذى يوجد فيه عشرات الآلاف (أغلبيتهم مدنيون) من الذين لهم علاقة بالتنظيم. من المحتمل فى الحساب النهائى، أن يكون الضرر الذى سيسببه انهيار المعتقلات فى المنطقة الكردية، أكبر بكثير من فائدة إنجاز اغتيال البغدادى.