الدراما الطبية: من الصفر
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 28 أكتوبر 2022 - 6:45 م
بتوقيت القاهرة
تابعت هذا الأسبوع أحد المسلسلات القصيرة (٦ حلقات) على شبكة نتفليكس رأيتها بالفعل أحد الأعمال البديعة الدرامية التى تجذب الإنسان لمتابعتها بشغف فهى تحكى قصة حب مدهشة بين أمريكية سمراء جاءت من الولايات المتحدة بحثا عن رغبة حقيقية لتعلم الرسم فى واحدة من أجمل مدن العالم وأكثرها عراقة «فلورنسا» بإيطاليا وشاب إيطالى بالغ الوسامة يعمل كطاهٍ فى مطعم يملكه بروح فنان يعشق الطبخ.
المسلسل عرض صورا كثيرة متباينة للحياة فى إيطاليا بكل ما فيها من حيوية وبساطة وتلقائية يمارسها الناس فى كل تصرفاتهم ثم الحياة فى كاليفورنيا بعد أن انتقل إليها إيمى ولنيو بطلا القصة. الواقع أننى لن أتوقف عند تلك التفاصيل وإن كانت أسرتنى بالفعل لأن الأمر الذى أحببته أن أعرض اليوم أمرا يختلف وقضية قد تهمنى بصورة أكثر أهمية.
مرض لنيو بسرطان نادر أصاب ركبته وكان عليهما أن يواجها تجربة قاسية بدأت بزيارة طبيب للعظام أحالهما إلى طبيب متخصص فى السرطان. هذا هو تحديدا ما أردت أن أتحدث عنه اليوم.
كل شىء يتعلق بالمعلومات الطبية فى السيناريو جاء بالفعل علميا واضحا دقيقا حتى فى استخدام الإشعات عند عرضها ذكرنى بما يحدث فى الدراما المصرية من مظاهر استسهال فى الحديث وأخطاء فى الحوار والنطق إذا ما اضطر الممثل لاستخدام اللغة الإنجليزية.
أما الأهم فهو الواقع الذى يعيشه مريض السرطان وعائلته فى المستشفى والدور الذى يقوم به الأطباء وأطقم التمريض فى صبر وحكمة ورغبة أكيدة فى معاونة المريض وعائلته على تقبل الأمر ومواجهة الأحداث فى شجاعة قدر الاستطاعة.
ما جاء فى المسلسل هو الواقع والحقيقة دونما مبالغات أو تسطيح للأمور تم عرضه بتلقائية وصدق يحاكى ما يحدث تماما فى الغرب ولا يحدث فى بلادنا بل ربما تصورنا أن فى ذلك قسوة يتعرض لها المريض بلا مبرر.
فى الغرب يصارح المريض بحالته بمنتهى الوضوح. احتمالات الشفاء وتطورات المرض يناقشها الطبيب مع المريض بكل صراحة فى وجود أقرب الناس إليه والذى غالبا ما تكون زوجته أو أمه.
خطة العلاج إذا ما تضمنت العلاج الكيماوى أو العلاج بالأشعة العميقة وما قد يتلوها من جراحة لاستئصال المرض متمثلا فى الورم على سبيل المثال. وما يمكن أن يتعرض له من مضاعفات أو آثار جانبية.
كلها موضوعات يتطرق إليها الطبيب بوضوح فى وقت كافٍ يسمح للمريض بتوجيه أى الأسئلة التى قد تخطر بباله.
يسأل الطبيب دائما عما إذا كان للمريض عائلة يمكنها تقديم الدعم له، الأمر الذى يبدو بالغ الأهمية لمساندة المريض.
كان من المدهش أن ترى فى هذا المسلسل كيف دعمت عائلة لنيو الإيطالية وزوجته إيمى الأمريكية موقفه وكيف أنهم وزعوا الأدوار على أنفسهم حتى يكونوا حوله كل ساعات النهار يهتمون به ويرفعون معنوياته ويراقبون طعامه.
كانوا بالفعل فريقا مدهشا أحاطوه برعايتهم وحبهم حتى اللحظات الأخيرة.
شارك لنيو فى تجربة طبية لدواء جديد بعد أن شرح له الطبيب أنها تجربة وأنه لن يعلم إذا كان سيتلقى بالفعل الدواء أم أنه سيتلقى مكانه «البلاسيبو» أو قرص من السكر ليست به المادة الفعالة.
انتفض الأب الإيطالى ثائرا على الطبيب «لماذا لا تعطونه الدواء إذا ما كان بالفعل موجودا.. هل تغامرون بحياة ابنى؟».
لكن الأمانة التى تحدث بها الطبيب كانت دافع لنيو لقبول التجربة رغم أنها للأسف كانت نهايته.
عرض المسلسل أيضا لفكرة مجموعات الدعم من المتطوعين الذين يبذلون جهدهم لدعم مرضى السرطان وعائلاتهم خاصة الأطفال منهم.
كل ما فى المسلسل جاء واقعيا حقيقيا يصف تجربة الإصابة بالسرطان ومحاولة النجاة منها، وما يمكن بالفعل أن يقدمه المجتمع والعائلة للمريض لمساندته. جاء المسلسل مثالا للدراما الإنسانية المؤثرة ودرسا واعيا أتمنى لو استوعبه كل من رآه على قدر العمق والواقعية التى كتب بها.
اسم المسلسل From Scrach: من الصفر