حرب بالإخطار
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 28 أكتوبر 2024 - 6:20 م
بتوقيت القاهرة
عرف العالم الحروب التقليدية، حيث تتقابل الجيوش وجها لوجه، قبل أن تتطور أدوات القتال وامتلاك المتحاربين الطائرة والصاروخ، ثم جاء حين من الدهر شهدنا فيه الحروب الإلكترونية التى يلجأ فيها الخصم إلى التأثير على عدوه ليس فى الميادين العسكرية، وإنما فى العالم الافتراضى، الذى يخطوا حاليا خطوات واسعة لكسب المعارك من دون إراقة الدماء.
فى المعارك التقليدية كان المتحاربون يتكتمون خططهم العسكرية، ويلجأون إلى الجواسيس فى جمع المعلومات عن الخصم، لتحديد نقاط ضعفه وقوته فى العدة والعتاد، بغية مفاجأة العدو وضربه فى مقتل، غير أن الهجوم الإسرائيلى الأخير على إيران قدم لنا نوعا جديدا من الحروب، يمكن أن نطلق عليه «الحرب بالإخطار».
إسرائيل أعلنت أنها وجهت فجر السبت الماضى ضربات «دقيقة وموجهة» على عدة أهداف عسكرية إيرانية تشمل مواقع لتصنيع الصواريخ وأخرى للقدرات الجوية، ردا على هجوم طهران عليها مطلع الشهر أكتوبر الجارى.
قال مسئولون إسرائيليون إن ثلاث موجات من الغارات الجوية وقعت صباح يوم السبت (الماضى)، وركزت الموجة الأولى على نظام الدفاع الجوى الإيرانى، فيما ركزت الموجتان الثانية والثالثة على قواعد الصواريخ والمسيّرات ومواقع إنتاج الأسلحة، وقبل أن تحذر تل أبيب طهران من الرد على ضرباتها الجوية التى شاركت فيها 100 طائرة بين مقاتلة ومسيرة.
ونقل موقع «واللا» الإخبارى الإسرائيلى عن مصادر قولها إن تل أبيب خططت هجومها على إيران بما يتيح للنظام الإيرانى إنكار حجم الأضرار وإخفائها.
وفى المقابل قللت إيران من حجم الأضرار الناجمة عن الهجوم الإسرائيلى، وقالت إنها أحبطت الهجوم، وإن «الأضرار» فقط لحقت بأهداف عسكرية فى جميع أنحاء البلاد وذلك قبل أن تعلن طهران مقتل 4 جنود إيرانيين «أثناء التصدى للصواريخ التى أطلقها النظام الصهيونى المجرم، دفاعا عن أمن إيران وحماية لشعبها ومصالحها».
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية أنّ طهران «تدين» الضربات الإسرائيلية ضد أراضيها، وأنّ إيران «من حقها وواجبها الدفاع عن نفسها ضدّ الأعمال العدوانية الأجنبية، على أساس الحق الطبيعى فى الدفاع عن النفس المنصوص عليه فى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة». كما تعهدت طهران «برد متناسب» على الهجمات الإسرائيلية وفق ما نقلت وكالة أنباء إيرانية شبه رسمية.
الروايتان الإسرائيلية والإيرانية رافقتهما رواية ثالثة نقلها موقع إكسيوس الإخبارى الأمريكى قال فيها إن تل أبيب أبلغت طهران مسبقا بالهجوم على المواقع التى اختارتها بعيدا عن المنشآت النفطية والنووية، بناء على تحذير أمريكى من استهداف تلك المنشآت.
ووفق «أكسيوس»، نقلًا عن ثلاثة مصادر وصفها بـ«المطلعة» أرسلت إسرائيل رسالة إلى إيران، قبل تنفيذ ضرباتها الجوية وأن الرسالة الإسرائيلية كانت محاولة لتقييد تبادل الهجمات المستمر بين تل أبيب وطهران ومنع تصعيد أوسع نطاقًا.
الرسالة الإسرائيلية، وفق أكسيوس، نُقلت إلى إيران عبر أطراف عدة، وأن إسرائيل أوضحت لإيران مسبقًا الأهداف التى ستهاجمها بشكل عام، وتلك التى لن تستهدفها، وأشار الموقع الإخبارى الأمريكى إلى أن إحدى القنوات التى أرسلت منها الرسائل إلى إيران قبل الهجوم الإسرائيلى كانت عبر وزير الخارجية الهولندى كاسبر فيلدكامب.
تحديد الأهداف التى سيتم ضربها «مسبقا» و«إخطار» بموعد الضربات قبل تنفيذها عبر وسيط ثالث، وتحذيرات على مدى أسابيع من هجوم قادم، هذا هو الشكل الذى تمت به الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة لإيران التى يطالبها الأمريكيون والبريطانيون والقوى الغربية عموما، الآن، بعدم الرد غير «المتناسب» على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، وينصحونها بـ«ضبط النفس» بعد تقليم «أذرعها» فى المنطقة!!
هل ستلتزم إيران «ضبط النفس»، أم ستواصل لعبة «الإخطار» مع أى هجوم جديد، استمرارا لما تردد عند هجومها على الأهداف الإسرائيلية فى وقت سابق، أم سنرى شكلا مختلفا من الحروب يتجاوز مرحلة «إخطار» العدو بساعة صفر أى هجوم، وإطلاق الصواريخ بعلم الوصول؟!