شهداء الواجب

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: السبت 28 ديسمبر 2013 - 1:55 م بتوقيت القاهرة

تأخرت كثيرا هذا الأسبوع فى اختيار موضوع للعمود الأسبوعى للصفحة. طغت على ذهنى تلك الصورة الموجعة الصادمة لذلك المجند الذى انتزع التفجير الغاشم لمديرية أمن الدقهلية ساقه من جسده لتطير فى الهواء فما كان منه إلا أن سعى جاهدا لالتقاطها ليضعها بجانبه فى استسلام أذهلنى وأوجعنى.

إذن فقد هبت رياح الإرهاب السوداء على موطن ميلادى ونشأتى: المنصورة. تلك المدينة الصغيرة الجميلة التى ترقد فى دعة على شاطئ النهر، والتى استوعبت على مر سنواتها وتاريخها الجاليات الإيطالية واليونانية وفتحت ذراعها لمهجرى السويس وبورسعيد أيام العدوان. لم تضق بهم بل اتسعت لسكانهم ورحبت بأنشطتهم حتى إن الكثيرين منهم آثروا البقاء فيها بعد إزالة آثار العدوان عن بلادهم. ومازالت أسماء العائلات الساحلية تتمتع بذات ما تتمتع به العائلات التى نشأت فى المنصورة وتشعبت جذورها فى أرضها من حقوق واحترام. طغى ما حدث فى المنصورة على تفكيرى الذى أصابه الشلل من وقع الصدمة والرعب من تداعياتها حتى انتبهت إلى حادث آخر ألم بنا نحن أطباء معهد القلب القومى. سقط بيننا شهيد آخر نحسبه عند الله أحد شهداء الواجب. زميلنا الشاب أحمد عبداللطيف. الطبيب الذى لقى حتفه، وهو يؤدى واجبه الإنسانى. انتقل إليه ميكروب من مريض، وهو يعاونه على التنفس بتركيب أنبوبة حنجرية. أصاب الميكروب رئتيه بالتهاب رئوى اغتاله فى أيام قليلة رغم كل المجهودات التى بذلت لإنقاذه. ترك أحمد عبداللطيف زوجة شابة لا حول لها ولا قوة وطفلا له من العمر سنتان وطفلة لا يتجاوز عمرها أياما.

أتمنى لو انتبهت وزارة الصحة إلى ملابسات وفاة الطبيب الشهيد. هل واتته المنية لإصابته بميكروب «الميرسا» أم أن هناك ميكروبا آخر كفيروس كورونا على سبيل المثال؟ الالتهاب الرئوى والفشل الكلوى هما تداعيات الإصابة بفيروس كورونا، وهذا ما حدث لزميلنا الشاب، الميرسا أيضا له ذات الطريقة الغادرة فى الإجهاز على المريض، كما أنه من الميكروبات التى تتكرر الإصابة بها بين العاملين فى المجال الطبى من أطباء وممرضات وفنيين. من الضرورى معاودة النظر فى ملابسات الأمر بدءا بمراجعة حالة المريض إلى كيفية انتقال العدوى ولماذا استشرت نارها إلى هذا الحد؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved