اتجاهات أبرز قضايا العالم والإقليم فى 2021
مواقع عربية
آخر تحديث:
الإثنين 28 ديسمبر 2020 - 9:45 م
بتوقيت القاهرة
نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة تقريرا للكاتبة إسراء اسماعيل، قامت فيه بعرض تقرير من «ستراتفور»، جاء فى التقرير التوجهات العالمية والإقليمية فى ضوء أبرز القضايا التى شهدها العالم... نعرض منه ما يلى.
أصدر معهد «ستراتفور» مع نهاية عام 2020 وبدايات إطلالة عام جديد تقريره السنوى حول الاتجاهات العامة المحتملة على الصعيدين العالمى والإقليمى، وذلك فى ضوء أبرز القضايا والمستجدات التى شهدها العالم، وعلى رأسها أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية المحتملة، والخطوات المرتقبة للسياسة الخارجية الأمريكية، واحتمالات عودة الاهتمام بقضية التغيرات المناخية، والتوترات فى بحر الصين الجنوبى، ومستقبل الأوضاع الاقتصادية فى تركيا والهند والأرجنتين.
الاتجاهات العالمية
أولًا ــ بدء انتعاش الاقتصاد العالمى
رجَّح التقرير استمرار تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد العالمى حتى عام 2021، حتى لو تسبب توزيع اللقاح فى التخفيف من القيود على النشاط الاقتصادى، وستتمثَّل المهمة الرئيسية لصانعى السياسات فى عام 2021 فى كيفية العمل على تجديد النشاط الاقتصادى وتحقيق التعافى المنشود والاستدامة، وقد يعود الناتج العالمى الإجمالى بالكاد إلى مستويات ما قبل الوباء بحلول نهاية عام 2021؛ وذلك بسبب الانتعاش الاقتصادى فى الصين وأجزاء أخرى من آسيا أكثر من أى مكان آخر.
ومن المتوقَّع أن يبلغ نمو الناتج المحلى الإجمالى العالمى 4ــ5٪، مع إسهام الصين بنحو ثلث هذه النسبة، ومن المحتمل أن يحدث التعافى فى أماكن أخرى فى العالم ولكن بشكل غير متساوٍ، ويرجِّح التقرير عدم تمكُّن جزء كبير من العالم من العودة إلى مستويات الناتج المحلى الإجمالى التى كانت متحققة فى مرحلة ما قبل الوباء حتى عام 2022، بما فى ذلك الولايات المتحدة وأوروبا؛ إذ إن تداعيات فقدان الوظائف وحالات الإفلاس ستسهم فى تكاليف طويلة الأمد. وبالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، أدى الوباء إلى تفاقم مواطن الضعف القائمة، لا سيما فيما يتعلق بالديون السيادية وديون الشركات، وهو ما قاد بدوره إلى عودة عدد كبير من الأفراد إلى براثن الفقر، وتم القضاء على عقد أو أكثر من المكاسب الإجمالية فى العديد من دول العالم الفقيرة، وسوف يستغرق التعافى سنوات فى ظل تباطؤ معدلات النمو فى جميع أنحاء العالم.
ثانيا ــ استعادة التعددية فى السياسة الخارجية الأمريكية
أشار التقرير إلى أن إدارة الرئيس المنتخب «جو بايدن» ستركز بشكل كبير على إعادة بناء علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء الرئيسيين فى أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ، فى سبيل العودة إلى تبنِّى نهج أكثر تعددية فى السياسة الخارجية، وستحاول تعزيز النظام العالمى القائم على القواعد الغربية، ومحاولة التحالف مع الدول المتفقة معها فى رؤيتها الخاصة بإصلاح النظام الدولى؛ لمواجهة تحديات القرن الحادى والعشرين، والتى تتضمن: صعود الصين، والتغيرات المناخية، والتطورات المتسارعة فى قطاع التكنولوجيا المتقدمة.
وفى هذا السياق، من المرجَّح أن يتطرَّق الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة إلى الخلافات حول قضايا مثل الإنفاق الدفاعى والنزاعات التجارية، وأن تحاول الولايات المتحدة التستر على التوتر الأخير بين اليابان وكوريا الجنوبية، كما ستسعى أيضًا للعودة إلى عدد من الاتفاقيات وعضوية المؤسسات التى تخلَّت عنها إدارة «ترامب».
ثالثا ــ استمرار السياسات الأمريكية تجاه الصين
رجَّح التقرير احتفاظ إدارة «بايدن» بموقف عدائى من الصين، وسعيها لبناء تحالف دولى أكثر تماسكًا ضد بكين، وسيكون التركيز الرئيسى لإدارة «بايدن» على قطاع التكنولوجيا الصينى، ولكن من المتوقَّع أن يقل تركيز «بايدن» على استهداف شركات معينة، مفضلًا استهداف قطاعات واسعة. وفى هذا الإطار، من المحتمل أن تتوسع حرب التكنولوجيا بما يتجاوز مجال الذكاء الاصطناعى وأشباه الموصلات والجيل الخامس، لتشمل المزيد من القيود على الحوسبة السحابية والخدمات الرقمية والتكنولوجيا المالية.
وعلى الرغم من أن الصين ستضطر بشكل متزايد إلى الرد بالمثل من خلال فرض قيود على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى؛ إلا أنها ستحاول التخفيف من حدة التوترات، من منطلق تبنِّى ما يسمى دبلوماسية «المحارب الذئب» «wolf warrior diplomacy.
رابعا ــ انفتاح الولايات المتحدة على المحادثات مع إيران
أشار التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة الرئيس «جو بايدن» ستركز على الدخول فى مفاوضات مع إيران، وذلك على الرغم من وجود قيود خطيرة على قدرة الولايات المتحدة للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكن من المرجَّح أن يكون هناك اتفاق يتضمن تعليق بعض العقوبات المالية الأمريكية على قطاع النفط الإيرانى، مقابل خفض إيران لأنشطتها النووية، ومن المتوقَّع أن تؤدى الممارسات الإيرانية فى المنطقة فى السنوات الأخيرة، بما فى ذلك الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات بدون طيار على المملكة العربية السعودية، إلى إجراء مفاوضات أوسع نطاقًا تتجاوز برنامج إيران النووى، لكن هذه المحادثات ستستمر إلى ما بعد عام 2021.
خامسا ــ التركيز على المناخ فى خطط التعافى من كورونا
ستقوم الحكومات والشركات الوطنية، بما فى ذلك الشركات المنتجة للطاقة وكبار مستهلكى الطاقة، بخطوات كبيرة فى عام 2021 لوضع أهداف قابلة للتنفيذ على المدى المتوسط؛ لمواجهة الانبعاثات المسئولة عن زيادة الاحتباس الحرارى، وستقوم بتعديل استراتيجيات عملها لتحقيق هذه الأهداف، وسيؤدى ارتفاع منحنى المخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية إلى جانب الضغوط المحتملة من قِبل مجالس إدارة الشركات إلى تسريع هذه المبادرات حتى عام 2021، وستجعل معظم الحكومات أيضًا المشروعات الخضراء ركيزة لبرامج التحفيز الاقتصادى لمرحلة ما بعد كورونا.
الاتجاهات الإقليمية
أولا ــ انتعاش سريع فى أوروبا
رجَّح التقرير حدوث انتعاش اقتصادى مضاعف «ثنائى السرعة» فى أوروبا، ولكن على الرغم من احتمالات تعافى دول شمال أوروبا من معظم الخسائر الاقتصادية التى عانت منها فى عام 2020 من حيث تراجع معدلات الناتج المحلى الإجمالى والإنتاج والاستهلاك والاستثمار؛ إلا أن معظم مؤشرات النشاط الاقتصادى ستظل دون مستويات ما قبل الجائحة فى جنوب أوروبا.
وفى هذا الإطار، سترفع الحكومات الشمالية تدابيرها التحفيزية تدريجيًا من أجل تقليل عجزها المالى، بينما ستحتفظ الحكومات فى الجنوب بسياساتها على حساب ارتفاع العجز المالى والديون المتفاقمة. ونتيجة لذلك، ستظل المخاطر المالية مرتفعة فى الجنوب، بينما ستتناقص فى الشمال، وستبقى الاضطرابات الاجتماعية ضمن هوامش مقبولة فى كلا المنطقتين.
ثانيا ــ ديناميكيات بحر الصين الجنوبى
ستواصل الصين بهدوء تعزيز موقعها العسكرى المسيطر فى بحر الصين الجنوبى كجزء من استراتيجيتها البحرية الإقليمية. ومن ناحيتها ستواصل الولايات المتحدة موازنة تنامى النفوذ الصينى الإقليمى من خلال تعزيز مواقف دول الجوار الأخرى المطلة على بحر الصين الجنوبى من خلال التعاون الاقتصادى، وتقديم الدعم لها فى المؤسسات الدولية، ونقل أو بيع المعدات الدفاعية لهذه الدول، وفرض عقوبات ضد الكيانات الصينية. وستسعى كل من الفلبين وفيتنام لتوطيد التعاون مع واشنطن، ولكن مع استمرار التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، ستحتاج الدولتان إلى تجنُّب تعريض علاقاتهما الاقتصادية مع الصين للخطر.
ثالثا ــ مناورات تركيا الاقتصادية
ستحاول تركيا تبنِّى سياسة نقدية تقليدية؛ سعيًا لاستقرار وضعها المالى فى العام المقبل، مما سيساعد فى حمايتها من الانتكاسات الاقتصادية الناتجة عن سياساتها الخارجية، وسيظل الوجود التركى نشطًا للغاية فى منطقة شرق المتوسط والمشرق العربى، مدفوعًا بمقتضيات الأمن القومى التى ترتبط بحزب العدالة والتنمية الحاكم، وستؤدى الممارسات العدائية التركية إلى تفاقم تنافسها مع الدول العربية المؤثرة فى المنطقة. وإذا لم يتم فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على تركيا من قِبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فلن تتردد أنقرة فى مزيدٍ من التدخل فى نزاعات الشرق الأوسط لتعزيز موقفها الإقليمى.
رابعا ــ بدء تعافى الاقتصاد الهندى
سيبدأ اقتصاد الهند فى التعافى فى عام 2020، ويمكن أن يشهد أحد أعلى معدلات النمو الاقتصادى على مستوى العالم، ولكن قد لا يعود إلى نفس المستوى الاقتصادى الذى كان يتمتع به قبل الوباء؛ حيث كان الاقتصاد الهندى من أكثر الاقتصادات تضررًا من جائحة كورونا فى عام 2020، ولكى يصبح نمو الهند أكثر استدامة، فسيحتاج رئيس الوزراء الهندى «ناريندرا مودى» إلى المزيد من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، وستتسم هذه العملية بالبطء فى عام 2021، إذ من المرجَّح أن تفشل فى الالتزام بالإطار الزمنى الذى وضعه «مودى»، ومن المتوقَّع أن تشهد عملية توزيع اللقاح فى الهند تعقيدات كبيرة نظرًا لعدد سكانها الهائل.
خامسا ــ استمرار الأزمة الاقتصادية فى الأرجنتين
ستستمر معاناة الاقتصاد الأرجنتينى فى عام 2021؛ حيث ستستمر البلاد فى مواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، فضلًا عن الأزمات الهيكلية، مثل: ارتفاع التضخم، وانخفاض الإنتاجية، وانعدام الثقة فى العملة الأرجنتينية (البيزو)، وشكوك المستثمرين الأجانب حول قدرة الحكومة على خفض العجز المالى فى البلاد. وفى هذا الإطار، يجب أن تتوقع الشركات المحلية والأجنبية العاملة فى الأرجنتين اتساع نطاق السياسات التدخلية من قِبل الدولة، ووضع مزيد من الضوابط المطولة على العملة، وذلك بالتزامن مع تراجع سيادة القانون، مما يضر بالثقة فى الاقتصاد الأرجنتينى، ويعمل على تقويض النمو.
النص الأصلى