ثورة يناير.. وكتالوج مبارك
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 29 يناير 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
بعد سقوط مئات القتلى والجرحى فى احتفالاتنا بالذكرى الثانية لثورة يناير، التى صاحبها حضور طاغ للألتراس على الساحة السياسية، وظهور مريب لتنظيمات غامضة شبه عسكرية مثل البلاك بلوك، وانتعاش كبير فى سوق البلطجية.. لم يعد خافيا على أحد فى مصر الآن، أن نظامنا السياسى الحالى ــ بحكومته وفصائل معارضته ــ أصبح عاجزا عن حل مشاكلنا، وبات واضحا انه يسير بنا وفق كتالوج مبارك نحو الفوضى الشاملة.
وربما يتحمل الإخوان المسلمين بالحماقات السياسية التى ارتكبوها، المسئولية الأكبر فى وصولنا لهذه المرحلة من الصراع الدامى التى نقترب فيها من حافة الهاوية، لكن فصائل المعارضة أيضا ارتكبت الكثير من الأخطاء والخطايا، تمثلت أساسا فى فشلهم فى تقديم مشروع سياسى بديل لمشروع الإخوان، وبعدم قدرتهم على اكتساب ثقة الغاضبين على حكم مرسى، وبالمنافسة الفاشلة بين نخبهم خلال انتخابات الرئاسة، وفشلهم فى التوصل لقوائم مشتركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وقبل ذلك كله وقوع بعض قادتهم وعلى رأسهم البرادعى وحمدين صباحى فى تناقض كبير برفعهم شعارات ثورية براقة، ثم اختفاؤهما الطويل عن الساحة ثم ظهورهما المفاجئ فى مناسبات سياسية احتفالية، ليبدو وكأن الرجلين يمارسان الثورة بشكل موسمى فى أوقات فراغهما!
وإذا كان الطرفان يطبقان كتالوج مبارك بحذافيره، فإن الرئيس مرسى ــ المفترض أدبيا وسياسيا أن يكون حكما بين المعارضة والفصائل المؤيدة للحكومة، يبدو فى نظر الكثيرين وكأنه يتورط بشكل متواصل فى الانحياز لأهله وعشيرته من الإخوان المسلمين، لدرجة دفعت رجلا مخلصا للمشروع الإسلامى مثل الشيخ حافظ سلامة إلى مطالبة الرئيس بالاستقالة إذا لم يستطع أن يكون رئيسا لكل المصريين.
وقد جاء خطاب الرئيس مساء أمس الأول بفرض الطوارئ فى مدن القناة ليكشف أن الرجل ينفذ ايضا كتالوج مبارك بطريقته الخاصة، فبدلا من التراجع عن سياساته التى تستهدف تمكين الإخوان من السيطرة على كل مفاصل الدولة، اختار الحل الأمنى لا السياسى للتعامل مع هذه الاحتجاجات الدموية الأخيرة، والتى لم يعد يفصلها عن الحرب الأهلية الشاملة سوى عدة أمتار، كما لو كان الرئيس لا يستمع جيدا إلى رسائل العنف القادم التى تحملها تصريحات طارق الزمر وغيره بأن «أسود الإسلاميين» على أهبة الاستعداد للدفاع المسلح عن المشروع الإسلامى، كما لم يستمع أيضا لرسائل الغاضبين من شباب الثورة على سياساته الذين يشكلون تنظيمات شبه عسكرية يلفها الغموض حتى الآن، وكما لو كان الرئيس لا يعطى أهمية لهذا المناخ الذى يقسم المصريين إلى فرق متحاربة، وإلى محافظات تخاصم بعضها، ويتوعد سكانها بعضهم البعض بالقتل!
لم يعد أمام الرئيس سوى فرصة اخيرة للقيام بدوره ووظيفته فى الحفاط على أمن وسلامة البلاد، بإجراء حوار شامل مع كل القوى السياسية وعلى رأسها القوى الشبابية التى لم تعد تجد امامها سوى العنف للتعبير عن نفسها، لا أن يقتصر حواره على قوى جبهة الإنقاذ وحدها، وقبل ذلك كله الابتعاد عن نصائح مكتب الإرشاد، لكى يكون بالفعل رئيسا لكل المصريين قولا وفعلا، ببناء دولة ديمقراطية حقيقية.. وإلا فإن الرئيس سيكتب بيديه أول سطور الفوضى العارمة التى أصبحت تدق على أبوابنا بمنتهى العنف!